***من اللمسات البيانية فى سورة النساء***
*ما
اللمسة البيانية في استخدام كلمة (الله) و(الربّ) في الآيتين: (يا أيها
الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا) سورة البقرة وقوله تعالى
(يا أيها الناس اتقوا ربكم) سورة النساء؟(د.فاضل السامرائى)
لفظ
الجلالة الله هو اللفظ العامّ لله تعالى ويُذكر هذا اللفظ دائماً في مقام
التخويف الشديد وفي مقام التكليف والتهديد. أما كلمة الربّ فتأتي بصفة
المالك والسيّد والمربي والهادي والمشد والمعلم وتأتي عند ذكر فضل الله على
الناس جميعاً مؤمنين وغير مؤمنين فهو سبحانه المتفضّل عليهم والذي أنشأهم
وأوجدهم من عدم وأنعم عليهم. والخطاب في الآية الثانية للناس جميعاً وهو
سبحانه يذكر النعمة عليهم بأن خلقهم والذين من قبلهم، ولذا جاءت كلمة (ربكم) بمعنى الربوبية . وعادة عندما تذكر الهداية في القرآن الكريم تأتي معها لفظ الربوبية (ربّ).
*(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء (1) النساء) وفي الأعراف قال (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا (189)) وفي الزمر (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا (6)) فما اللمسة البيانية في الاختلاف بين الآيات؟ وما الفرق بين الخلق والجعل؟
د.فاضل السامرائى :
الجعل
في الغالب حالة بعد الخلق فالخلق أقدم وأسبق. جعل الزرع حطاماً ليست مثل
خلق الزرع حطاماً. جعل بمعنى صيّر، هو خلقه ثم جعله (وَجَعَلَ مِنْهُمُ
الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ (60) المائدة) لا يعني خلقهم وإنما يعني
صيّرهم. إذن في الغالب الجعل بعد الخلق (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ
إِمَامًا (124) البقرة) صيّره إماماً وليس خلقه إماماً. إذن هذا الأمر
العام ولذلك كل (جعل زوجها) بعد الخلق، نلاحظ في سورة النساء قال (يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا
وَنِسَاء (1)) هذا في آدم وحواء، هذا خلق.
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا
زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً
خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا
لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)
فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا
فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) الأعراف) هذه ليس آدم وحواء
وإنما بعد، ذاك خلق وهذا جعل، جعل هذه زوج هذه. في سورة الزمر قال
(خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا
وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ
فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ
ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6)) خلقكم من نفس واحدة آدم وهذا الأصل لكن جعل
زوجة جعل فلان زوج فلان، (خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) يقصد حواء و (جعل منها زوجها) الكلام عن الذرية فلما ذكر حواء قال (خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) ولما ذكر الذرية قال (جعل منها زوجها).
د.أحمد الكبيسى :
قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا (1) النساء)
وفي الأعراف (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ
مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا (189) الأعراف)، في الزمر قال
(خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا (6)
الزمر) أضاف ثم بدل الواو، حينئذٍ واضحة خلق الخلق من شيء آخر الخلق غير
الإبداع خلقت شيء من شيء خلقكم من طين وليس من عدم فهو خلق حواء من آدم
إذاً (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا)
خلق حواء من آدم وآدم خلقه من الطين، طيب ثم قال (وَجَعَلَ مِنْهَا
زَوْجَهَا) هو خلق حواء لكن حواء ممكن تصبح خادمة أو جارية قال لك لا
جعلتها زوجة فالجعل تغيير الوظيفة. إذاً بعد أن خلقها جعل وظيفتها أنها
زوجه ثم قال (ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا) وقطعاً ثم دليل على التراخي
واضح جداً. إذاً هذا الفرق بين خلق وبين جعل.
* ما الفرق بين تبدل وتتبدل ؟(د.فاضل السامرائى)
نلاحظ
في القرآن كله وليس فقط في هذه الآية الحذف كما جاء في القرآن مثل (تنزّل
وتتنزّل، تبدّل وتتبدّل) وهذا الحذف في عموم القرآن وحيث ورد مثل هذا
التعبير في القرآن سواء في الفعل أو غيره يكون لأحد أمرين:
1. للدلالة على أن الحدث أقلّ.
2. أن يكون في مقام الإيجاز.
كذلك قوله تعالى (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ
بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا
مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)
الأحزاب) وهذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم وهي حالة خاصة به r والحكم مقصور عليه r فقال (تبدّل) أما في قوله تعالى (وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) النساء)
فهذه حالة عامة وحكم عام مستمر إلى يوم القيامة فالحكم كثير ومتصل وهي آية
عامة لكل المسلمين وهذا التبدّل هو لعموم المسلمين وليس مقصوراً على أحد
معين وإنما هو مستمر إلى يوم القيامة. لذا أعطى الحدث الصغير الصيغة
القصيرة (تبدّل) وأعطى الحدث الممتد الصيغة الممتدة (تتبدلوا).
* ما دلالة قوله تعالى (وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ)؟(د.فاضل السامرائى)
السؤال
كان لماذا جاءت الخبيث بالطيب ولم تأتي الطيب بالخبيث؟ فنقول أن هناك
قاعدة تقول أن الباء تكون مع المتروك كما في قوله تعالى (أُولَئِكَ
الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ
تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) البقرة).
*(وَلاَ
تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ (2) النساء) حقيقة الأكل
أن تتناول طعاماً فتدخله في جوفك فكيف أتى النهي عن أكل المال؟ وهل يستطيع
الإنسان أن يأكل الدراهم؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
نهيُ المؤمن عن أكل مال اليتيم ولم يأت النهي عن الأخذ لأن الأكل هو أشد دلالة وأقوى تعبيراً من حالة الأخذ فهذه الكلمة (تأكلوا) توحي بأن الشخص قد أحرز ما أكله في داخل جسده وعندها لا مطمع في إرجاعه ولا دليل على أنه أخذ هذا المال.
* في سورة النساء (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)) فما الفرق بين لا تقسطوا ولا تعدلوا؟(د.حسام النعيمى)
الآية (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا)
عندنا الفعل قَسَطَ هو يأتي من بابين: قَسَط يقسِط قُسوطاً مثل جلس يجلس
جلوساً وقَسَط يقسِط قَسْطاً مثل ضرب يضرب ضرباً. فعندنا القسط والقسوط
بمعنى الظلم والجور، هذا قَسَط.
لما
تدخل عليه الهمزة، عندنا الهمزة تدخل من معانيها السلب، يقولون من: شكى
زيدٌ وجعاً فتقول أشكاه الطبيب يعني أزال شكايته. ومنه أيضاً أعجم الحرف
بمعنى نقطه بمعنى أزال عجمته، السلب والإزالة. ومنه يقولون: أقذيت عين
الصبي يعني أزلت القذى من عينه. فالهمزة تزاد أحياناً لمعنى السلب. فلما
تقول أقسط بمعنى أزال أو سلب الجور والظلم، وهذا الفرق بين قسط وأقسط. قسط
جار أو ظلم وأقسط أزال الجور وأزال الظلم، تحول عن الظلم. لكن عندنا القِسط
بكسر القاف للعدل لأن فيه معنى التحول فصارت كلمة القِسط للعدل وليس
للجور؟ القََسط بفتح القاف مصدره قسط، الظلم والقسوط مصدر ثاني لأنه يأتي
من بابين. أما القِسط بالكسر فهو العدل ضد الجور بمعنى المساواة.
هنا
لم يأت بالقِسط بالكسر ولا غرابة مثلما عندنا كلمة البَرّ ضد البحر بفتح
الباء والبُرّ أي الحنطة بضم الباء والبِر بكسر الباء أي الإحسان فلا غرابة
أن تأتي لفظة مغايرة لمعنى لفظة أخرى بتغير حركة واحدة وهذه من سمات
العربية. فإذن الإقساط هو عدم الجور. لكن ننظر عدم الجور أن لا تكون ظالماً
مع من استعملت؟ (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى)
اليتيمة حينما تكون في حجر رجل مسؤول عنها، يتولاها، كأنما يصونها كأن
يكون من أقارب هذه اليتيمة، يموت أبوها فتنقل إلى داره يكون وصياً عليها
فلما يكون وصياً عليها وعلى أموالها أحياناً إذا تزوجها قد يظلمها في
صداقها يعني لا يعطيها الصداق الكافي الذي تستحقه فيقول الله عز وجل
للمؤمنين إذا داخلكم شك خشيتم أن لا تكونوا عادلين مع اليتيمة وخشيتم أن لا
تزيلوا عنها الظلم فتحولوا إلى سائر النساء (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)
وقطعاً الإنسان إذا كان عنده أكثر من يتيمة لانه إذا كان عنده يتيمتين لا
يستطيع أن يتزوج اليتيمتين لأنهما أختان لأنه لا يجوز الجمع بين الأختين.
فمعناه لا يوجد هناك أكثر من واحدة، قد يفكر بالزواج من واحدة لكن قد لا
يعدل باتجاهها، قد لا يزيل عنها الظلم، قد يظلمها، فإذن الظلم متوجه إلى
واحدة وليس إلى متعدد فاستعمل كلمة الإقساط (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى)
كأنهن في موضع معرضات للظلم، كل يتيمة معرضة للظلم، كل يتيمة عند إنسان.
هذه اليتيمة المعرضة للظلم إن كنت تخشى أن لا تزيل عنها الظلم إذا تزوجتها
أن توقعها في الظلم إذا تزوجتها عند ذلك لا تتزوج هذه اليتيمة وتحوّل إلى
سائر النساء (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) يعني من النساء الأخريات وليس ممن في أيديكم من اليتيمات (مثنى وثلاث ورباع) كل منكم يتزوج اثنين، ثلاث، أربع. (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا)
هنا بإمكانه لما ذكر مثنى وثلاث ورباع ستكون لديه أكثر من امرأة بخلاف مع
اليتيمة لا تكون إلا واحدة هناك قال إن خفتم أن لا تزيل عنها الظلم وإن
خفتم ألا تقسطوا. هنا قال (ذلك أدنى ألا تعولوا)
العدل فيه معنى المساواة والمعادلة، وتذكر كبار السن أنهم كانوا يضعون على
الدابة ما يسمى بالعدلين عبارة عن كيسين في كل جانب كيس يضع فيه حاجياته
ويحاول أن يعادل بينهما حتى لا يميل العِدل. فمع النساء المفروض كأنه أكثر
من واحدة فيجب أن يكون هناك معادلة وليس إزالة ظلم عن واحدة وإنما فيه معنى
التعادل. فلما تحدث عن التعدد إستعمل المعادلة، العدل من عِدلي الدابة،
تكون عادلاً تساوي بينهما، ولما يتحدث عن اليتيمة استعمل إزالة الظلم
(القسط) (فإن خفتم ألا تقسطوا). (فإن خفتم ألا تعدلوا) في النسوة المتعددات فواحدة. لما يكون عندك خشية تكتفي بواحدة. (أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا)
تعولوا هنا بمعنى لا تعتدوا أي أن لا تتجاوزوا الحق. العَوْل هنا بمعنى
العدوان، ذلك أدنى أن لا تعولوا أي أن لا تعتدوا من العدوان وليس من
الإعالة (عال فلان بمعنى ظلم وليس بمعنى تكفّل) وهذا مستعمل في بعض اللهجات
العامية عندنا مثل يقولون أولاد واحدة معينة دائماً يكونون معتدين فحيثما
وجدت خصومة يقول الناس أولاد فلانة عايلين سواء كانوا موجودين أو غير
موجودين. عايل أي ظالم أو معتدي (أدنى ألا تعولوا) أن لا تعتدوا في عدم المساواة بين النسوة.
* ما دلالة استخدام (ما) وليس (من) في سورة النساء (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء (3))؟(د.فاضل السامرائى)
(من)
لذات من يعقل، للذات، من هذا؟ هذا فلان، من أبوك؟ أبي فلان، من أنت؟ أنا
فلان. إذن (من) لذات العاقل سواء كانت إسم استفهام أم شرط أم نكرة موصوفة
أم إسم موصول. (ما)
تستعمل للسؤال عن ذات غير العاقل مثل ما هذا؟ هذا حصان، ما تأكل؟ آكل كذا.
وتستعمل لصفات العقلاء، الذات أي الشخص الكيان. (ما) تستخدم لذات غير
العاقل ولصفات العقلاء. لذات غير العاقل مثل الطعام (أشرب ما تشرب) هذه ذات
وصفات العقلاء مثل تقول من هذا؟ تقول خالد، ما هو؟ تقول تاجر، شاعر. (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء (3) النساء) عاقل، صفة، أي انكحوا الطيّب من النساء. (ما) تستخدم لذات غير العاقل وصفاتهم (ما لونه؟ أسود) ولصفات العقلاء (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) الشمس) الذي سواها هو الله. مهما كان معنى (ما) سواء كانت الذي أو غيره هذه دلالتها (وَمَا
خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (3) الليل) من الخالِق؟ الله هو الخالق. إذن
(ما) قد تكون لصفات العقلاء ثم قد تكون للسؤال عن حقيقة الشيء (قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ (60) الفرقان) يسألون عن حقيقته، فرعون قال (وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) الشعراء) يتساءل عن الحقيقة. وقد يؤتى بها للتفخيم والتعظيم (الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) القارعة) (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا
أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) الواقعة) تفخيم وتعظيم سواء كان فيما هو مخوف
أو فيما هو خير، عائشة قالت أبي وما أبي؟ ذلك والله فرع مديد وطود منيب.
فلان ما فلان؟ يؤتى بها للتفخيم والتعظيم (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا
أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) الواقعة) (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ
الشِّمَالِ (41) الواقعة) ماذا تعرف عن حقيقتهم؟ التعظيم يكون في الخير أو
في السوء أو ما يصيبه من السوء، قال ربنا عذاب عظيم وقال فوز عظيم قال
عظيم للعذاب والفوز. النُحاة ذكروا هذه المعاني لـ (ما) في كتب النحو والبلاغة.
*
(فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ
وَرُبَاعَ (3) النساء) ما الذي تضمنته الواو هنا وما معناها وهل هناك لمسة
بيانية بحيث لو جمعناها تصبح تسعة وهي عدد زوجات الرسول علماً أنه لا يجوز للرجل أن يجمع أكثر من أربع نساء؟(د.فاضل السامرائى)
الآية الكريمة (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ (3) النساء)
مثنى معناها اثنتين اثنتين يعني مكرر، وثُلاث في اللغة معناها ثلاث ثلاث
وليس معناها ثلاثة ورباع معناها أربع أربع ليس معناها أربعة. حتى تتوضح
المسألة ما معنى مثنى وثلاث ورباع؟ فرق في اللغة لما تقول لجماعة خذوا
كتابين يعني كلهم يشتركون في كتابين ولما تقول خذوا كتابين كتابين يعني كل
واحد يأخذ كتابين، خذوا ثلاثة كتب كلهم يشتركون في ثلاثة كتب، خذوا ثلاثة
ثلاثة يعني كل واحد يأخذ ثلاثة. هذا معنى مثنى ولو قال اثنتين لا يصلح فكيف
يتزوج الناس كلهم اثنتين؟ اثنتين اثنتين، ثلاثة ثلاثة، أو أربعة أربعة،
إذن الإباحة اثنتين اثنتين أو ثلاث ثلاث أو أربع أربع فإن لم تعدلوا فواحدة
إذن أقصى شيء مذكور أربع. إما أن يكونوا اثنتين اثنتين إن شاء الناس أو
ثلاثة ثلاثة أو أربعة أربعة إذن الحد الأعلى سيكون أربعة فقط وليس تسعة لا
يجمع الأعداد، إما اثنتين اثنتين أو ثلاث ثلاث أو أربع أربع. الرسول r يحددها ما روي أن غيلان أحد الصحابة أسلم وتحته عشر نسوة فقال له r أمسك أربعة وفارق سائرهنّ. إذن أقصى شيء أربعة. استخدم صيغة مثنى وثلاث ورباع لأنه لا يصح أن يقول فانكحوا اثنتين لأنها تعني أن كلهم يشتركون في اثنتين كما
قلنا خذوا كتابين يعني كلهم يشتركون في كتابين مهما كان العدد، هذه هي
الصيغة الصحيحة لا يمكن أن يقول انكحوا ثلاثة أي يشتركون في ثلاثة وإنما
ثلاث أي كل واحد يأخذ ثلاثة ولا يصح ولا يمكن في اللغة أن يقول اثنتين
وثلاثة وأربعة لا يصح ولا يجوز في اللغة لأنها تعني أنهم كلهم يشتركون.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ
الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ
يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌالْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ
الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ
يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ (1) فاطر) يعني قسم له اثنين اثنين اثنين في الأجنحة وقسم ثلاث
ثلاث وقسم أربع أربع لا يعني أن كلهم يشتركون في جناحين أو ثلاثة أو أربعة.
إذن الإباحة إلى حد أربعة فإن لم تعدلوا فواحدة. أين الإشكال في السؤال؟
لماذا لم يقل (أو) مثلاً؟ لما يختار الواو يعني لك أنت أن تختار اثنتين
ثلاثة أربعة لكن لو قال (أو) يعني يختار واحدة من هذه إما اثنين أو ثلاث أو
أربع لا يحق لك الاختيار إلا حالة واحدة منها فقط، (أو) تأتي بمعنى
التخيير والواو لمجرد العطف، فلو قال (أو) فليس له أن يختار ثلاثة مثلاً إن
اختار اثنتين أما الواو ففيها الإباحة أن يختار ما يشاء. الأصل واحدة لأنه
قال (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً) هذا الأمر الأصل
واحدة والتعدد هذا شيء آخر. إذا قال (أو) يقتضي التخيير أما الواو (و)
ليس فيها تخيير بحالة دون أخرى وإنما كما شئت إن أردت تتزوج اثنتين أو
ثلاث أو أربع فإن لم تستطع أن تعدل فواحدة. النص يفسره الحديث عن الصحابي
الذي كان له عشر نسوة لما أسلم فقال له الرسول r "أمسك أربعة وفارق سائرهنّ" نص الحديث يشرح الآية.
*ما العلاقة بين الخوف من عدم القسط باليتامى والنكاح في آية سورة النساء؟(د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة النساء (وَإِنْ
خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم
مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ
تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى
أَلاَّ تَعُولُواْ {3}) نزل الحكم في ولّي
اليتيم الذي تعجبه المرأة مالها وجمالها فيبخسها حقها طمعاً بمالها فلا
يعطيها مهرها الكافي، لذا جاءت الآية إذا خفتم ألا تعولوا في إعطاء النساء
اليتيمات حقهن فانكحوا غيرهن من النساء غير اليتيمات. وكان العرب يرغبون
برعاية اليتيم واليتيمة فلما حذّرهم الله من عدم العدل في مال اليتيم خافوا
من رعاية اليتيم فوردت الآية أن يقيموا العدل بين النساء ويخافوه كما
يخافوا عدم العدل في اليتيم.
*(وَآتُواْ
النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً (4) النساء) ما وجه عطف إيتاء النساء
مهرهنّ على الأمر بإعطاء اليتامى حقهم أي في الآية السابقة حيث يقول تعالى
(وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ (2)) والآية بعدها يقول (وَآتُواْ
النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) ما حكم العطف هنا؟(ورتل القرآن
ترتيلاً)
هذان الضعيفان المرأة واليتيم مستضعفان من المجتمع وحقهما مغبون فكان غي تعاقبهما حراسة لحقهما أشد حراسة.
*ما معنى كلمة (نحلة)؟ ولِمَ قيّد الصدقات بقوله (نحلة)؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)
النِحلة
هي العطيّة بلا قصد العِوَض وقد سمى ربنا تعالى الصدقات نِحلة ليكون المهر
الذي تدفعه منزّهاً عن العِوَض بل هو أقرب إلى الهدية فليست الصدقات عوضاً
عن منافع المرأة ولو كان عوضاً لكان عوضها جزيلاً ومتجدداً بتجدد المنافع
وامتداد الزمن. فعقد النكاح بينك وبين زوجك غايته إيجاد آصرة محبة وتبادل
الحقوق والتعاون على إنشاء جيل وهذا أغلى من أن يكون له عِوَض مالي.
*(فَإِن
طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا
(4) النساء) لِمَ قال ربنا (طبن لكم عن شيء منه نفساً) ولم يقل فإن طابت
نفوسهن عن شيء لكم؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
أخّر
ربنا تعالى النفس عن شيء ونصبها على التمييز ليبين لنا مقدار قوة هذا
الطيب وليؤكد لنا أنه طيب نفس لا يشوبه شيء من الضغط والإكراه. وتأمل لِمَ
قال ربنا (فكلوه) ولم يقل فخذوه؟ عندما قال (فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا)
ذلك ليطمئن المؤمن يجواز الانتفاع بمال زوجه انتفاعاً لا رجوع فيه فهو
تملّك لمالها تملّكاً تاماً ولكنه تملّك عن طيب نفس منها لا إرغام فيه.
*(وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (5) النساء) ما اللمسة البيانية في قوله تعالى (وارزقوهم فيها) ولم يقل منها؟
د.فاضل السامرائى :
ارزقوهم
فيها يعني بأن تتجروا وتربحوا تكون نفقاتهم من الأرباح لا من صلب المال.
تتاجرون فيها تجعلوها مكان للرزق. ارزقوهم فيها يعني ارزقوا السفهاء (فيها)
يقصد من أموالهم لكن ما قال من المال يعني استثمروها لهم ولو قال وارزقوهم
منها يكون من اصل المال يعني انفعوا الفقراء واليتامى لأنهم ما زالوا صغار
يتامى سفهاء لا يحسنون التصرف، إنفعه وتصرف مكانه، إنفعه تصرف بالمال بما
يفيده يما ينفعه فأنفق مما يثمر هذا المال بما تعود عليه فيها إحسان إليه.
د.أحمد الكبيسى :
واحد
عنده ولد عمره عشرون سنة، خمس وعشرون سنة لكنه سفيه مبذر لماله، مات أخي
وعنده ولد عمره عشرين سنة لديه ثروة هائلة وهذا الولد يبذر فيها حينئذ
الحجر على السفيه من قواعد الفقه فتقيم دعوى يحجرون على السفيه ويجعلون
عمّه هو الوصي ويعطيه بالشهر مبلغ يعيش فيه هذا لا يعطيه من رأس المال لأن
الوصي يشغل المال ويعطيه من الأرباح (وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا)
لو ترك المال ينقص من سقوط العملة المال يدب أن يشتغل ارزقوهم فيه وليس نه
يعني في التعامل التجاري وفي أرباحه. لكن لو واحد مات وعنده أولاد وأرحام
هذا اعطوه من عين المال لا من الأرباح، هذا الفرق بين ارزقوهم فيها
وارزقوهم منها، منها يعني من عين المال وفيها صاحب المال الذي هو ورث المال
لكنه صار سفيه مبذر جعلنا عليه وصياً يشغل المال هذه الآية توجب على الوصي
أن ينمي المال.
* ما الفرق بين الرشد والرشد في القرآن الكريم ؟(د.فاضل السامرائى)
هم
يفرّقون بين الرُشد والرَشَد، الرُشد معناه الصلاح والاستقامة وهم قالوا
الرُشد يكون في الأمور الدينية والدنيوية، في أمور الدين وفي أمور الدنيا،
في الأمور الدنيوية والأخروية والرَشد في أمور الآخرة، يعني الرُشد يكون في
أمور الدنيا والآخرة والرَشَد في أمور الآخرة. في القرآن ورد الرُشد (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا (6) النساء)
أمر دنيوي، (قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ
مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) الكهف) أمر دنيوي موسى تتبع الرجل الصالح،
(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (256)
البقرة) و (وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً
(146) الأعراف) إذن الرُشد يستعمل في أمور الدنيا والدين. أما الرَشد
فالكثير أنه يستعمل في أمور الدين أكثر ما يكون في الدين (فَقَالُوا
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا
رَشَدًا (10) الكهف) (وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ
هَذَا رَشَدًا (24) الكهف) أغلب ما تستعمل في أمور الدين، أما الرُشد فهي
عامة. هذا ما قاله قسم من اللغويين وإن كان قسم قالوا أن هاتان لغتان لكن
هما في القرآن هكذا، يستعمل الرُشد في أمور الدنيا والدين والرَشَد في أمور
الدين. قسم قالوا هذه لغة ولكن قسم قالوا هذا من خصوصيات الاستعمال
القرآني.
*(وَلْيَخْشَ
الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ
عَلَيْهِمْ (9) النساء) الفعل يخشى متعدي يأخذ مفعولاً به فتقول أخشى الله
فالله لفظ الجلالة هو المفعول به فأين مفعول (وليخشى) في الآية؟(ورتل
القرآن ترتيلاً)
حذف
ربنا تعالى مفعول (وليخشى) لتذهب نفس السامع في تقدير المفعول به مذاهب
عدة وليقدر كل واحد منا تقديراً يفهمه هو فينظر كل سامع بحسب الأهمّ عنده
مما يخشى أن يصيب ذريته فيكون رادعاً له عن ظلم اليتامى.
*(إِنَّ
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا
يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10) النساء)
فكيف يأكل آخذ مال اليتيم في النار في الدنيا مع أن العذاب بالنار يكون في الآخرة؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
أراد ربنا بقوله (إنما يأكلون في بطونهم ناراً) تبيان شدة الألم والعذاب في الدنيا بدليل قوله (وسيصلون سعيراً) أي في الآخرة.وفي هذه العبارة (يأكلون في بطونهم ناراً)
استعارة فقد عبّر الله تعالى عن المصائب بأكل النار لأن شأن النار أن
تلتهم ما تقع عليه كآكل مال اليتيم ربما تصيبه مصائب في ذاته أو ماله مثل
النار إذا ذنت من أحد لا بد أن تؤلمه وتتلف متاعه.
*ما الفرق بين استعمال وصّى وأوصى؟(د.فاضل السامرائى)
من الملاحظ في القرآن أنه يستعمل وصّى في أمور الدين والأمور المعنوية وأوصى في الأمور المادية. (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ (131) النساء) ويستعمل أوصى في المواريث (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (11) النساء) (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا (11) النساء)
. لم ترد أوصى في الأمور المعنوية وفي أمور الدين إلا في موطن واحد اقترنت
بأمر مادي عبادي وهو قوله تعالى على لسان المسيح (وَأَوْصَانِي
بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) مريم) قال أوصاني لأنها
اقترنت بأمر مادي وعبادي وهو الزكاة والأمر الآخر أن القائل هو غير مكلّف
لذلك خفّف من الوصية لأنه الآن ليس مكلفاً لا بالصلاة ولا بالزكاة فخفف
لأنه لا تكاليف عليه.
*ما الفرق بين الوالد والأب؟(د.فاضل السامرائى)
التي
تلد هي الأم والوالد من الولادة والولادة تقوم بها الأم وهذه إشارة أن
الأم أولى بالصحبة وأولى بالبر قبل الوالد. لكن في المواريث لأن نصيب الأب
أكبر من نصيب الأم استعمل الأب (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ). في الأموال يستعمل الأبوين وفي الدعاء الوالدين.
*ما الفرق بين الأبوين والوالدين؟(د.فاضل السامرائى)
ربنا
سبحانه وتعالى لم يستعمل البر والإحسان والدعاء في جميع القرآن إلا
للوالدين وليس الأبوين (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ
إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (23) الإسراء) (رَبِّ اغْفِرْ لِي
وَلِوَالِدَيَّ (28) نوح) استعمل البر والاحسان للفظ الوالدين وليس للفظ
الأبوين. الوالدان للوالد والوالدة والأبوان للأب والأم. الوالدان هي تثنية
الوالد والولادة الحقيقية للأم وليس للأب الأب ليس والداً لأنها هي التي
تلد والأبوان تثينة الأب، من الأحق بحسن الصحبة الأب أو الأم؟ الأم، فقدّم
الوالدين إشارة إلى الولادة ولذلك بالميراث يقول (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ (11) النساء)
لأن الأب له النصيب الأعلى في الميراث.(وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ
أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ (80) الكهف) ليس فيها مقام ذكر البر لذا قال أبواه
ولذلك لما قال (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) فى سورة يوسف لسببين
أولاً إكراماً للأم ما قال والديه إكراماً للأم يجعلها تابعة لأن الوالدين
يصير الوالدة هي التي تسجد بينما هي أكرم من الأب والأمر الآخر أن الأب أحق
بالعرش فقُدِّم.
* ما الفرق بين الأبناء والأولاد؟(د.فاضل السامرائى)
الأبناء
جمع إبن بالتذكير مثل قوله تعالى (يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ (49) البقرة)
أي الذكور أما الأولاد فعامة للذكور والإناث. أبناء جمع إبن وهي للذكور
أما أولاد فهي جمع ولد وهي للذكر والأنثى (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي
أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (11) النساء) الذكر
والأنثى (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ
كَامِلَيْنِ (233) البقرة) الإرضاع للذكور والإناث.
*
في سورة النساء ختمت آية المواريث بالنسبة للذكور بقوله تعالى (يُوصِيكُمُ
اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن
كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ
فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ
وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن
كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ
فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ
فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ
يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ
أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ
عَلِيما حَكِيمًا (11)) وفي آية المواريث بالنسبة للكلالة ختمت بقوله
(يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ
هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ
فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا
وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ
وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)) فما اللمسة البيانية في هذا الاختلاف؟(د.فاضل السامرائى)
أيها
يدلّ على العِلم أكثر؟ عندما تقول كنت أعلم بهذا أو أعلم هذا؟ كنت أعلم
بهذا أدل على العلم أي أعلم قبل أن تقع (وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا
كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33) البقرة). مبدئياً (إن الله كان عليماً حكيماً) أدلّ على العلم من (والله بكل شيء عليم). البعض يقول (كان) للماضي، كان يعلم بالأمر قبل أن يقع هذه أدل على العلم من يعلمه الآن. في الأولاد الذكور قال تعالى (آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً)
إذن إن الله كان عليماً حكيماً. عندما شرّع هو يعلم هذا الأمر أصلاً. في
آية الكلالة ما ذكر حيرتهم في عدم المعرفة، هناك ذكر حالتهم (آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً)
الله تعالى يعلم هذا الأمر قبل أن يقع. الإنسان لما يقول لو أعلم هذا
لفعلت كذا. لما ذكر جهل الإنسان وعدم المعرفة ذكر أن علمه سبحانه وتعالى
سابق (إن الله كان عليماً حكيماً) ولما لم يذكر هذا الأمر ما اقتضى الأمر، ما فيها حيرة بين الناس قال (والله بكل شيء عليم).
سؤال: مسألة الزمن مع الله تعالى (كان الله غفوراً رحيماً) ما دلالة (كان) مع الله تعالى؟
ذكرنا في وقت سابق أن (كان)
يفرد لها النُحاة بكلام في زمنها: أولاً الزمان الماضي المنقطع كأن تقول
كان نائماً واستيقظ، كان مسافراً ثم آب. وفي الماضي المستمر (كان
الإستمرارية) بمعنى كان ولا يزال (وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً (11)
الإسراء) (وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا (100) الإسراء) (إِنَّ الشَّيْطَانَ
كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (53) الإسراء) (إِنَّ اللّهَ كَانَ
سَمِيعًا بَصِيرًا (58) النساء) يسمونها كان الإستمرارية أي هذا كونه منذ
أن وُجِد. ليس في الماضي المنقطع (إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ
عَدُوًّا مُّبِينًا (53) الإسراء) لا تعني كان عدواً والآن أصبح صديقاً
وإنما كان لا يزال عدواً. و (كان) تفيد الإستقبال (وَفُتِحَتِ السَّمَاء
فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) النبأ) أي صارت في المستقبل. (وَكُنتُمْ
أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) الواقعة) أي صرتم، أصبحتم. (كان) في كلام كثير
عند النُحاة غير كان التامة والناقصة من حيث الزمن ليس مثل ما يظن بعض من
عندهم معرفة قليلة باللغة وهؤلاء عليهم أن يراجعوا قواعد اللغة.
*ما
الفرق بين (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ
إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا
تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا
اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا
إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
(176) النساء) - (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ
حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ (11) النساء) ؟(د.أحمد الكبيسى)
عندنا مسألة الكلالة (فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ) الثلثان مرة أخرى قال (ثلثا)
، حينئذٍ هم مرتين رب العالمين نكّر النصيب في الميراث وكأن الله سبحانه
وتعالى أراد أن يقلل من شأن هذا النصيب وإن كان قضاءً هو حق ومن حقه لكن
حقٌ ليس كريماً أو كان أولى به أن يؤثر الآخرين على أنفسهم المهم التنكير
كان لكي نعيد النظر في هذا الموضوع بالذات إذا صادف أنك أنت حصلت على هذا
النصيب لكن هناك أنصبة لا أنت عائلة وأب وأم وأولاد ومسؤولية انتهينا لكن
في حالات إنسانية كامرأة متزوجة وليس لديها أولاد وعندها ثروة أنت استمتعت
بها أربع عشر سنين خمسة عشرة سنة وخدمتك عشرة عشرين سنة وتأخذ نصف ثروتها!
سؤال: في هذه الآيات التي أشرت إليها فضيلة الشيخ أيضاً تأكيد أن المرأة تستقل أيضاً بالنصف وتستقل بالثلثين في حالات معينة؟
الله
تعالى قال (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ) هل تعرف أن المرأة
في الميراث أحسن من الرجل؟ لكن هم يحرفون الكلام على نصيب الإبن والأخت.
*(يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (11) النساء) جعل الله تعالى حظ الانثيين هو المقدار الذي يقدّر به حظ الذكر، فلِمَ آثر ربنا تعالى هذا التعبير؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
أمعِن
التأمل في هذا اللطف الإلهي فقد جعل الله تعالى حظ الانثيين هو المقدار
الذي يقدّر به حظ الذكر ولم يجعل حظ الذكر هو المقياس كأن يقول للأنثى نصف
حظّ الذكر. آثر ربنا تعالى هذا التعبير لنكتة لطيفة وهي الإيماء والإيحاء
للناس بأن حظّ الأنثى هو الأهم في نظر الشرع وهو مقدّم على حق الرجل لأن
المرأة كانت مهضومة الجانب عند أهل الجاهلية. أما في الاسلام فقد أصبحتِ يا
أختاه ينادى بحظّك وقسمتك ونصيبك هو المقياس.
*(وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ (12) النساء) نكرة على عكس الباقي المعرّف (الربع، الثلث، السدس، الثمن)؟
د.فاضل السامرائى :
هذه لأنها مضافة.
د.أحمد الكبيسى :
آية
المواريث فيها عجائب. طبعاً كلكم تعرفون الفرق بين الألف واللام مع الكلمة
أو بدون ألف ولام نكرة ومعرفة فرق بين رجل والرجل، زعيم والزعيم، عالم
والعالم فرق كبير من الذي جاء؟ جاء رجل، لا نعرفه ومن الذي جاء؟ جاء الرجل
هذا إنسان عظيم. رب العالمين جميع الحقوق جعلها بالألف واللام (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ (12) النساء) (فَلَهُنَّ الثُّمُنُ
مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ
وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ
أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)) كل هذه الثمن الربع الثلث السدس كلها أل أل أل الخ الفرق الوحيد (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ (12) النساء)
نصف الزوج من الزوجة التي ليس لديها أولاد، واحد متزوج وليس لديه أولاد
والزوجة ماتت هذا الزوج سيأخذ نصف ثروة هذه الزوجة الميتة التي ليس لها
أولاد هذه الوحيدة التي الله قال (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ) لم يقل ولكم النصف هو قال (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ) (فَلَهُنَّ الثُّمُنُ) فلماذا مع هذه قال (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ)؟ لماذا نصف الزوج من زوجته التي ماتت قبله وليس لديها عيال؟ لماذا (نِصْفُ)؟
يقول لك يا رجل تزوجت بنت الناس ولم تنجب منها عيال إمرأة ماتت من دون
عيال وحتماً كونها ما عندها عيال أنت سوّدت عيشتها وتعيّرها كل يوم وتتعبها
ثم ماتت ثم تأخذ نصف؟ صح هو قانوناً من حقك لكن أخلاقياً ذوقاً يجب أن لا
تأخذ لماذا؟ أنا أطلب نجيب مليون درهم مثلاً ونجيب ما يقبل يعطيني لأن ما
عنده غير البيت الذي يسكنه أنا من حقي قضاءً أشتكي عليه وأجعله يبيع البيت
ويعطيني فلوسي إن شاء الله يعيش في الشارع كقانون كحق حقوق محكمة معقول من
حقك أن تأخذ فلوسك ودعه يبيع البيت، لكن أخلاقياً مرؤةً إنسانياً كيف تجعل
هذا صديقك وأخوك كيف تبيعه البيت؟ّ تقول والله ليس من شأني أنا أريد مالي،
تأخذ حقك وهو ليس حراماً فهو حقك لكن حق رديء ليس لديك مرؤة. فرب العالمين
كأنه والله أعلم يقول له يا زوج هذه زوجتك ما كان لها عيال وعاشت معك في
نكد وعنده فلوس من ابوها وراثه من أبوها من أهلها عندها رواتب أو عمارة أو
بيت أنت كقضاء وكحق وحقوق لك نصف (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ) بس
والله العظيم لو عندك ذوق وعندك رجولة تقول لأبويها الله يجزاكم خير والله
يرحمها التي لم تر خيراً عندي وأنا عاد أخذ فلوسها بعد خذوها أنا لا أريد
منكم شيء يا الله اشلون موقف كريم وعظيم من زوجٍ يرى أنه لم يسعد زوجته
وزوجته لم تسعده فلم يأتيهم أطفال وبعدين عاش معهم سنتين تخدمها وكذا
وتحصنه والخ وبعدين ماتت قبله وعندها ثروة تأخذ نصفه؟ والله يا أخي اتركه
لأهلها لأخوانها لأمها لأبوها لأقاربها ليس لك عليها شيء رب العالمين من
كرمه قال أنت لك نصف باعتبار أنت صرفت عليها لما كانت عندك إذاً لعل الله
سبحانه وتعالى عندما نكّر كلمة نصف فقط فقط نصيب الزوج من ميراث زوجته التي
ماتت وليس لديها عيال وماتت قبل الزوج (وَلَكُمْ
نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ
كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ (12) النساء)
لا، هذه حرمتي أم عيالي وفلوسها فلوسي وفلوس أولادها فليأخذ حق الأولاد
تأخذه بقوة أخلاقياً وأدبياً هذا حقك فهي أم عيالك لكن الأولى ليس لديها
عيال وحينئذٍ يجدر بكل رجل يتزوج امرأة وليس عندها أولاد وعاشت معه على
الحلوة والمرة ولديها ثروة قضاء وقانون وعدالة له الحق أن يأخذ النصف لكن
مرؤتنا يقول لا هذا كثير حصل والله حصل أنا أعرف فلان وفلان وفلان لما ماتت
زوجته لم يأخذ درهم من فلوسها تركها لأهلها وأخوانها وأخواتها وإذا كان
لديها عيال أعطاه لعيالها وهذا والله أعلم هو السر في أن السهم الوحيد الذي
ليس فيه ألف ولام في هذه الآية في آية الميراث هو النصف مال الزوج. ونفس
الشيء في آخر سورة النساء في الكلالة الثانية يتكلم عن الأخ إذا شخص مات
وليس لديه أولاد ولا أم ولا أب لكن عنده أخوة وخوات عنده أخت من أب أيضاً
لها النصف هذا قال (فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ (176) النساء)
يعني أنت تلاحظ هذا النصف في حالات غير مؤاتية، واحد ليس لديه لا أخت ولا
أب ولا عيال ما عنده أحد ما عنده غير أخته يعني فقط فرب العالمين نكّر هذه
الأنصفة عندما يكون هذا الميراث غير مُسعِد أنت تبني سعادتك على إنسانة
شقيت أو إنسان شقي كل واحد ما عنده والله أعلم وهذا الذي نقوله.
*كلمة حليم في القرآن: (من برنامج هذا ديننا للدكتور عمر عبد الكافي على قناة الشارقة)
وردت كلمة حليم في القرآن 15 مرة عشرة منها 11 مرة كإسم من أسماء الله عز وجل الحسنى:
1. (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225) البقرة).
2. (وَلَا
جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ
أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ
سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ
تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى
يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي
أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235) البقرة).
3. (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) البقرة).
4. (إِنَّ
الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا
اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ
عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) آل عمران).
5. (وَلَكُمْ
نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ
كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا
تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ
فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ
بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ
وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ
كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ
اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) النساء).
6. (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ
تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ
الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ
حَلِيمٌ (101) المائدة).
7. (تُسَبِّحُ
لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ
شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ
تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) الإسراء).
8. (لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59) الحج).
9. (تُرْجِي
مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ
ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ
تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ
كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ
عَلِيمًا حَلِيمًا (51) الأحزاب).
10. (إِنَّ
اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ
زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41) فاطر)
11. (إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) التغابن).
ووردت مرتين في ابراهيم u:
1. (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) التوبة).
2. (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) هود).
ووردت مرة في اسماعيل u عند البشارة به في قوله تعالى (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) الصافات).
ووردت مرة على لسان قوم شعيب الذين كانوا يستهزئون به في قوله تعالى (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87)).
والحليم لا يأتي إلا بخير وهو السمت في الخُلُق العربي فالتزكية ربع المهمة المحمدية لأن عليه يقوم الأمر كله. والرسول r يقول: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق" فكأن هذه المهمة هي المهمة الرئيسية للرسول r. وكما أن الأشياء توزن والأطوال تُقاس فإن وحدة قياس الأخلاق هي خُلُق رسول الله r لأنه هو المثال البشري المنفوق هيّأه تفوقه أن يعيش واحداً فوق الجميع فعاش واحداً بين الجميع.
ونلاحظ في القرآن الكريم أنه عند البشارة باسماعيل u
جاءت بقوله تعالى (غلام حليم) فاسماعيل جدّ العرب حليم فكأن الحلم يتصف به
جدُّ لعرب والحِلم كله خير ولا يأتي إلا بخير "كاد الحليم أن يكون نبياً".
وفي البشارة باسحق جدّ اليهود كانت البشارة (غلام عليم) فكأن العلم يتّصف به جدّ اليهود.
*قال
تعالى في سورة الجن (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ
جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23)) وفي سورة النساء قال تعالى
(تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
(13) وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ
نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14)) فما الفرق بين
خالدين وخالداً؟(د.فاضل السامرائى)
الآية الكريمة في سورة الجن (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) وفي النساء (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) قال خالدين في سورة الجن بالجمع وخالداً بالإفراد في النساء. الوعيد بالعذاب في آية النساء أشد (يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ)
أشد لأنه عذاب بالنار وبالوحدة، في الجن قال خالدين بالجمع لأن الجنة فيها
نعيمان نعيم الجنة ونعيم الصحبة وهنا قال خالداً يعني منفرداً لأن الوحدة
عذاب حتى لو كان في الجنة، يكون وحده ليس معه أحد ولا يتكلم مع أحد هذا شيء
ثقيل جداً. إذن مبدئياً العذاب في آية النساء أشد، الوعيد. لماذا هو أشد؟
قال في سورة الجن (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ
جَهَنَّمَ) وقال في سورة النساء (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ)
هذا زيادة. العصيان يعني عدم الطاعة وتعدي الحدود عدم الطاعة ولكن فيها
إضافة قد تكون هنالك حدود في أمور معينة (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ
تَقْرَبُوهَا (187) البقرة) (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا
(229) البقرة) هذه إضافة إلى العصيان لأن أحياناً مجرد العصيان ليس
بالضرورة كفر مجرد المعصية لأن الإنسان قد يعصي ربه في شرب خمر أو سرقة أو
زنا. (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) هذه زيادة. الجريرة هنا جريرتان عصيان وتعدٍ الحدود، في الجن ذكر العصيان فقط وفي النساء ذكر العصيان وتعدي الحدود ولذلك قال (وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ)
إضافة إلى النار له عذاب مهين فإذن هنالك سبب دعا إلى هذا الاختلاف ولذلك
لا تجد في أصحاب الجنة خالداً مطلقاً وإنما دائماً خالدين لأنه ليس هناك
وحدة بينما في النار فنجد خالدين وخالداً.
سؤال: ربما تكون (من) هنا للجمع أو للمفرد، هل (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) تعني مفرد أو جمع؟
(من)
تحتمل لأن كلمة خالدين خلّصتها للجمع. وأيضاً هنالك أمر آخر بياني حسّن
استخدام الجمع في آية الجن وهو ذكر اجتماع الكفرة على رسوله (وَأَنَّهُ
لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ
لِبَدًا (19) الجن) هذا اجتماع، هؤلاء خالدين بزمرتهم. مما حسّن الإفراد في
آية سورة النساء أنهم أقل من المذكورين لأنه عصيان وتعدي الحدود فيه قلة
ومن ناحية أخرى حسّن القلّة نسبياً. إذن من كل وجه صار الإفراد في آية
النساء أنسب في السياق وخالدين في آية الجن أنسب في السياق.
سؤال: هل لنا أن نفهم في آية النساء (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) يتعدى حدود من؟ الله أو الرسول؟ هل العطف يعود على الأقرب؟
العطف ليس بالضرورة يعود على الأقرب لأن ما حدّه الرسول هو ما حدّه الله، يعني يتعدى حدوده أي حدود الله.
سؤال:
قال تعالى في آية النساء (يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ
عَذَابٌ مُّهِينٌ) هل لنا أن نسقم العذاب بحسب الجريرة، يعني ناراً خالداً
فيها بسبب العصيان وله عذاب مهين بسبب تعدي الحدود؟
الله
أعلم، ليست هنالك قرينة سياقية تحدد صورة معينة للعذاب مع خطيئة محددة.
ذكر مهين أنهم تعدوا الحدود، استخفوا بحدود الله فأهانهم أي أذلّهم، لأن
العذاب ليس بالضرورة مهين قد يكون فيه عذاب أليم أن تضربه مثلاً. ليس
العذاب مهيناً بالضرورة ولهذا هنالك في القرآن عذاب عظيم، وشديد ومهين
وأليم، عذاب مُذِل يعني أمام الناس تفضحه وتجعله يفعل أشياء.
سؤال:
في الجن قال (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) وفي النساء (خَالِدًا فِيهَا) هل
تضيف كلمة (أبداً) لخالدين من حيث الدلالة الزمنية على الأقل؟
لما يكون تفصيل غالباً تضيف (أبداً) لكن هنا قال (وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ). (أبداً) يعني غير منقطع مستمر. الخلود هو البقاء الطويل أيضاً هو في القرآن خالداً لكن (أبداً) تأكيد للمسألة.
سؤال: هل هنالك خلود في النار؟ أم من يقضي سيئاته سيخرج ويذهب إلى الجنة؟ ماذا يحتمل سياق الآية من الناحية اللغوية؟
أنا أعرف أن الخلود هو البقاء غير المنقطع والدوام و(أبداً) يؤكد هذا المعنى، هذا الذي أفهمه من اللغة.
سؤال:
ليتنا نأتي على كل الآيات نقوم بعمل دراسة في القرآن الكريم على من يذهب
والعياذ بالله أعاذنا منها إلى النار ونبحث مدة البقاء فيها، هنالك من يجلس
في النار وهنالك من (خالدين فيها أبداً) (خالداً فيها) (وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) البقرة) وهناك البعض يقول يقضي ما عليه من السيئات ثم يخرج منها.
إذا
كان مسلماً يقضي من السيئات ما يقضي ثم يخرج بعدها (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ
الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ
الْخَاسِرِينَ (85) آل عمران) (وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ
الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ (40) الأعراف) معاصي مختلفة، هذا الباب
الدخول فيه والكلام فيه يحتاج لحذر شديد وربنا تعالى ذكر أن من يقتل نفساً
بغير نفس خالداً فيها لكن كثير من الناس قال هذه تغليظ عقوبة القتل.
سؤال: هل هناك دليل في القرآن على هذا؟
هم يقولون بالنسبة للمسلم يستندون للأحاديث " من قال لا إله إلا".
*
في آيات الميراث في سورة النساء قال تعالى (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن
يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
(13) وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ
نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14)) في الجنة قال خالدين
فيها وفي النار قال خالداً فيها فما دلالة جمع خالدين في الجنة وأفردها في النار؟(د.فاضل السامرائى)
(تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) والآية التي بعدها مباشرة (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) في أكثر من مناسبة قلنا في الجنة لم ترد خالداً بالإفراد
في عموم القرآن لم يرد في أصحاب الجنة مرة واحدة خالداً ولهذا دلالة
محددة. لما ذكر النار يذكر خالدين ويذكر خالداً لأن الوحدة هي عذاب لو
أدخلته الجنة وليس معه أحد يتكلم معه فهذا عذاب، ولذلك في النار ذكر أمرين
ذكر عذاب النار وعذاب الوحدة فقال (يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا) أما
الجنة لم يذكر خالداً لأن دائماً فيها اجتماع فيأنس من نعيم الاجتماع وما
في الجنة من نعيم فقال خالدين. ثم هناك أمر آخر لما قال يدخله جنات بالجمع
معناه أكثر من واحد يدخل (مَنْ)
تحتمل المفرد والجمع، عموماً أكثر الكلام أنه يبدأ بالمفرد ثم يأتي فيما
بعد ما يبين هذا الشيء (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ
وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) البقرة) هذا هو الأكثر
يبدأ بالمفرد المذكر أياً كان ثم يجمع. مع الجنة قال خالدين لأن فيها
نعيمان نعيم الجنة ونعيم الصحبة وأما في النار ففيها عذاب النار وعذاب الوحدة
وقد تأتي خالدين في النار ولم ترد في الجنة خالداً فيها أبداً وخالداً
وخالدين تأتي مع النار. عذاب أهل النار بالإشتراك كأن يكون إهانة يقولون
لبعضهم أنت كنت كذا وأنت كنت كذا يختصمون وهذا عذاب آخر.
*(ورتل القرآن ترتيلاً) :
(تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ (13) النساء)
مشهد ملموس ومحسوس ترسمه عبارة حدود الله فكل منا يعرف حدّه في منزله
مثلاً فلا يجرؤ على دخول حدّ جاره وإن دخل فهو موقن أنه مخالف ومتجاوز حقّه
وقد استعمل ربنا تعالى الحدود ليقرّب الفكرة لأذهاننا فشرع الله حدٌّ لا
ينبغي لنا أن نتجاوزه.
*(وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14) النساء) إن تهديد المرء بالنار وعيد وعذاب فإذا أشيف إليه الخلود فهذا من أشد ألوان العذاب. فما فائدة ختم الآية بقوله تعالى (وله عذاب مهين)؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)
أراد
الله تبارك وتعالى أن يهدد الخارجين عن حدوده بألفاظ ترجف القلوب وتقع في
قلوبهم موقع الخوف ليتأمل الإنسان سوء مصيره ولذلك ختمت الآية بوصف العذاب
المهين لأن من العرب من لا يخشى كلمة النار ولكنه يأبى الضيم والإهانة فقد
يحذر الإهانة أكثر مما يحذر عذاب النار ولذا قال العرب في أمثالهم "النار
ولا العار".
*(ذَلِكَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿119﴾ المائدة) - (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
﴿13﴾ النساء) - (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿72﴾التوبة) - (وَذَلِكَ
هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿111﴾ التوبة) - (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ ﴿60﴾الصافات)ما الفرق بين هذه الخواتيم؟(د.أحمد الكبيسى)
فى سورة المائدة
عندما قال تعالى (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) خبر، رب العالمين يقول
هؤلاء الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه قال (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
كما قال عن الجنة عيسى عندما دعا لقومه (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ
عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
﴿118﴾ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ
لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ ﴿119﴾ المائدة) (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) خبر أنت ناجح
(ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) خبر فقط.
في النساء أضاف واو (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
تلك حدود الله، هناك فقط لمن آمن وكان صادقاً في عباداته (ذَلِكَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وهذا أساس الجنة، من دخل الجنة (فَمَنْ زُحْزِحَ
عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴿185﴾ آل عمران) لكن
فاز، الفوز أنواع هناك فوز مجرّد يعني 50% وهناك فوز عظيم لكن في أعظم منه
والأعظم منه هو الذي فيه واو فيه قسم (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) هذا الثاني (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) لمن يطيع الأحكام في الكتاب والسنة حلال وحرام قال (تِلْكَ
حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿13﴾النساء) هي الطاعة من يطع الرسول فقد أطاع الله (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴿20﴾ الأنفال) بالحلال والحرام هذه هي التقوى، إذاً فيها واو (وَذَلِكَ) هذا واحد.
في سورة التوبة أضاف هو بدون واو في قوله (ذَلِكَ هُوَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿72﴾ التوبة) من هم هؤلاء؟ الذين هم يأمرون بالمعروف
وينهون عن المنكر (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ﴿71﴾ التوبة) هو يعني خصّصّ أن هذا الفوز فوز فريد
(ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) لا فوز غيره في مقامه (ذَلِكَ هُوَ)
(وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴿80﴾ الشعراء) في يطعمني ويسقيني لم
يقل هو لأن هناك غيره يطعمون ويسقونك هناك آخرون أبوك أمك الدولة
الخ هنا (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) ما في غيره ولا الطبيب هذا
أسباب بينما هنا قال نفس الشيء (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) كلمة هو أضافها لكي يبين أن هذا فوز متميز لأن فيه طاعة الحلال والحرام.
في موقع آخر في سورة التوبة
أضاف الواو والهاء يقول تعالى (وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿111﴾
التوبة) هذه للشهداء (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي
التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ
اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ
هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿111﴾ التوبة) قطعاً أن فوز الشهداء أقوى من فوز
الذين يتبعون الحلال والحرام الطاعة لأن هذا إضافة، الحلال والحرام أنت
ملزم به ولكن هذا لم يكن ملزماً به أن ينال الشهادة فنال الشهادة قال
(وَذَلِكَ) واو القسم جاء بالواو وهو معاً، الله سبحانه وتعالى يقسم بأن
هذا هو الفوز الفريد المتميز جداً لماذا؟ لأن فيها شهادة. أنت لاحظ كل
زيادة حركة في تغيير في المعنى فهناك الأولى خَبَر الثانية للمتقين
الصادقين الثالثة لمن اتبع الحلال والحرام الرابعة للشهداء (وَذَلِكَ هُوَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
أخيراً في الصافات
قال (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿60﴾ الصافات) إنّ مؤكِّدة
ثم هو ثم لام توكيد إنّ على هو، يعني هذا معناه فوز عجيب متى هذا؟ هذا
عندما الناس دخلوا الجنة وعاشوا بسعادة وحور عين وأماكن رائعة جداً وجالسين
في مجالس حلوة وفي هذه النعمة العظيمة فازوا فوزاً عظيماً فواحد قال والله
يا جماعة احمدوا الله على هذا الذي نحن فيه (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ
إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ﴿51﴾ يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ
﴿52﴾ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ
﴿53﴾ الصافات) ما في آخرة والخ كان ملحداً أو شيوعياً فقال له والله العظيم
هذا الرجل كان أوشك رويداً رويداً أن يجعلني أكفر فذاك قال له الآخر
(قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ ﴿54﴾ الصافات) طبعاً في الآخرة قوانين
عجيبة لا يوجد مساحة ولا مسافة ولا جاذبية من الصعب تصورها وأنت جالس ممكن
أن ترى كل الكون في لحظة واحدة فقط خطر في بالك ترى فلان في جهنم تراه أو
فلان في الجنة تراه على خواطرك الذي تريده يحدث (قَالَ هَلْ أَنْتُمْ
مُطَّلِعُونَ) انظروا على جهنم وإذا هذا صاحبه الذي كان سيُضِله وإذا به في
جهنم قال له (فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ ﴿55﴾ قَالَ
تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ﴿56﴾ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي
لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴿57﴾ الصافات) الحمد لله الذي خلصني فارتعب
عندما رأى هذا المنظر في الجحيم وهو في النعيم شعر بالفرق الهائل، هذا
الفزع الأكبر الذي يعيشون فيه أهل النار كان من الممكن لو أنه أطاع هذا
الإنسان وصار شيوعياً أو صار ملحداً أو كفر بالله أو ما شاكل ذلك أو قال له
تعالى نقتل مسلماً نكفِّره أو نقتل شخصاً نفسِّقه يعني هذا الإنسان طبعاً
كل مجرم في ناس أضلوه (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴿67﴾ الزخرف) لما يرى الفرق الذي هو فيه
والجحيم الذي براه ارتعب أنت في الدنيا كثير من الناس دخلوا سجون ورأوا
أدوات تعذيب خيال على حين غرة واحد منهم يخرجونه لأمرٍ ما يشعر بكرم الله
والرحمة كيف خلص من هذا العذاب الذي كان فيه؟ هذا عذاب الدنيا فكيف عذاب
الآخرة (قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ﴿56﴾ وَلَوْلَا نِعْمَةُ
رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) إلى أن قال (أَفَمَا نَحْنُ
بِمَيِّتِينَ ﴿58﴾ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ
بِمُعَذَّبِينَ ﴿59﴾ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿60﴾
الصافات) يعني نحن لن ندخل جهنم ولن نموت ولن نحاسب مرة أخرى! يكاد يجن من
الفرحة (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
*ما الفرق بين يتوفى و يدركه الموت؟(د.حسام النعيمى)
يتوفى:
ورد في سورة النساء (وَاللاَّتِي
يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ
أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ
حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً
(15)) جعل الله تعالى لهن سبيلاً بالحدّ عندما نزلت الآيات وأخبر الرسول r بحدّ مرتكبة الفاحشة. (يتوفاهن الموت) التوفي هو أخذ الشيء كاملاً غير منقوص.
الموت لا يقوم بأخذ الشيء وافياً وإنما أُسند العمل إلى الموت على سبيل
التوسع لعلاقة السببية لأن الموت معناه إنقضاء العمر الذي يؤدي إلى أن تؤخذ
روحه وافية غير منقوصة، أنه يتوفّى. الموت ليس هو الذي يأخذ الروح لكن
الموت إيذان بانتهاء العمر، ما بقي لهذا الإنسان من عمره شيء فهو ميّت.
الذي يتوفى هذه الأنفس (وَهُوَ
الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا
جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ
(61) الأنعام) الملائكة التي تأخذ الروح وحتى الرسل الملائكة ليست هي التي تتوفى الأنفس لأن (اللَّهُ
يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي
مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ
الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ (42) الزمر)
النسبة الحقيقية أي الفاعل الحقيقي لهذا التوفي هو الله سبحانه وتعالى،
الملائكة وسيلة والموت سبب. الله سبحانه وتعالى ينسب أحياناً الفعل لغيره
باعتباره الغير سبب أو مرتبط بأمره (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا (10) فاطر) حصر هنا العزة لله عز وجل وحده دون غيره وفي موضع آخر قال (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8) المنافقون) إرتباط الرسول r بالله، هو رسول الله فمنحه الله تعالى العزة. كذلك هاهنا لما قال تعالى (حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) يعني يستوفي أرواحهن الموت أي يتوفاهن ملائكة الموت. قالوا كان ذلك عقوبتهن أوائل الإسلام فنُسِخ بالحدّ. في قوله تعالى (حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ)
جاء اللفظ بالإسناد إلى الموت على سبيل التوسع لعلاقة السببية لأن الموت
نهاية العمر فهو سبب الوفاة والذي يتوفى الأرواح الرسل من الملائكة بأمر من
الله سبحانه وتعالى فالذي يتوفى الأرواح على الحقيقة هو الله سبحانه
وتعالى.
يدرك:
في سورة النساء (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ (78))
الآية كأنما تصور من ينتقل من مكان إلى آخر هرباً من الموت والموت يسعى
وراءه حتى يدركه أينما كان ولو كان متحصناً في بروج مشيدة قوية الجدران
محكمة الأبواب. لما يدركه يكون قريباً منه ويقبض بعد ذلك. يُفهم من الآية
أنه يموت قطعاً. يدرككم أي لما يصل إليكم وسيكون نتيجته مفارقة الحياة.
وفيه صورة الملاحقة والهارب الذي يلحقه شيء. حتى في المجاز تقول أدركت ما
يريد فلان أي تتبعت عباراته بحيث وصلت إلى الغاية من عبارته.
الآية الأخرى في سورة النساء (وَمَن
يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا
وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ
ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ
اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (100)) هو مهاجر لما هاجر هاجر فراراً بدينه وحياته وهو خارج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله كأن الموت يسعى وراءه (ثم يدركه الموت)
الخارج من بيته مهاجراً إنما خرج فراراً بدينه من أن يفتنه الكفار فهو
فارٌ منهم لكن الموت يتبعه ويدركه في طريق الهجرة وهذا أجره عظيم فقد وقع
أجره على الله كما قال تعالى (فإنه ملاقيكم) الموت هنا لم يأت فاعلاً وإنما
إسم إنّ (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ (8) الجمعة).
(وَلَيْسَتِ
التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ
أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ
يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا
أَلِيمًا (18) النساء)
التوبة المرفوضة هي التي تكون حين يشرف الإنسان على الموت ويدرك أنه صار
قريباً منه كأن الموت لم يقع بعد بدليل أنه استطاع أن يتكلم فهو لم يمت
بعد. وعلى هذا نقول أن كلمة (حضر) عندما تأتي مع الموت فيها معنى القرب
والمشاهدة وكأنه فيها نوع من التجسيد للموت كأن الموت حيٌّ يحضر مع من يحضر
حوله من أهل الذي ينازع فيشهد هذا الموت.
*(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ (17) النساء) تأمل هذا التعبير الإلهي البديع فقد قيّد الله سبحانه وتعالى عمل السوء بجهالة فقال (يعملون السوء بجهالة) فلِمَ عدل ربنا تعالى عن وصفه بالجهل فلم يقل يعملون السوء عن جهل؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
الجهالة
تطلق على سوء المعاملة وعلى الإقدام على العمل دون رويّة في حين أن الجهل
يعني عدم العلم بالشيء فلو عمل أحد معصية وهو غير عالم بأنها معصية فليس
يأثم وإنما يجب أن يتعلم ويبتعد عن المعاصي ولذلك حصر الله تعالى السوء
بالجهالة دون الجهل لأن هذا الفعل هو الذي يحب أن يتوب الإنسان عن فعله.
*ما الفرق من الناحية البيانية بين فعل حضر وجاء في القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)
فعل
حضر والحضور في اللغة أولاً يعني الوجود وليس معناه بالضرورة المجيء إلى
الشيء (يقال كنت حاضراً إذ كلّمه فلان بمهنى شاهد وموجود وهو نقيض الغياب)
ويقال كنت حاضراً مجلسهم، وكنت حاضراً في السوق أي كنت موجوداً فيها.
أما
المجيء فهو الإنتقال من مكان إلى مكان، فالحضور إذن غير المجيء ولهذا نقول
الله حاضر في كل مكان دليل وجوده في كل مكان. وفي القرآن يقول تعالى (فإذا
جاء وعد ربي جعله دكّاء) سورة الكهف بمعنى لم يكن موجوداً وإنما جاء
الأمر. وكذلك قوله تعالى (فإذا جاء أمرنا وفار التنور) سورة هود. إذن
الحضورة معناه الشهود والحضور والمجيء معناه الإنتقال من مكان إلى مكان.
ما الفرق الآن من الناحية البيانية بين قوله تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ
أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ
يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً
أَلِيماً. سورة النساء {18}) وفي سورة المائدة: (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ
أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ
أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ
فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ
الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ
ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا
إِذاً لَّمِنَ الآثِمِينَ {106}) وقوله تعالى في سورة البقرة (أَمْ كُنتُمْ
شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ
مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ
آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً
وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {133}) وفي سورة المؤمنون (حَتَّى إِذَا جَاء
أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ {99}) وفي سورة الأنعام
(وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً
حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ {61}).
القرآن
الكريم له خصوصيات في التعبير فهم يستعمل كلمة (بررة) للملائكة وكلمة
(ابرار) للمؤمنين. وفي كلمة حضر وجاء لكل منها خصوصية أيضاً. حضور الموت
يُستعمل في القرآن الكريم في الأحكام والوصايا كما في سورة آية سورة البقرة
وكأن الموت هو من جملة الشهود فالقرآن هنا لا يتحدث عن الموت نفسه أو
أحوال الناس في الموت فالكلام هو في الأحكام والوصايا (إن ترك خيراً
الوصية) (ووصية يعقوب لأبنائه بعبادة الله الواحد).
أما
مجيء الموت في القرآن فيستعمل في الكلام عن الموت نفسه أو أحوال الناس في
الموت كما في آية سورة المؤمنون يريد هذا الذي جاءه الموت أن يرجع ليعمل
صالحاً في الدنيا فالكلام إذن يتعلق بالموت نفسه وأحوال الشخص الذي يموت.
وكذلك في آية سورة الآنعام. ويستعمل فعل جاء مع غير كلمة الموت أيضاً
كالأجل (فإذا جاء أجلهم) وسكرة الموت (وجاءت سكرة الموت) ولا يستعمل هنا
حضر الموت لأن كما أسلفنا حضر الموت تستعمل للكلام عن أحكام ووصايا بوجود
الموت حاضراً مع الشهود أما جاء فيستعمل مع فعل الموت إذا كان المراد
الكلام عن الموت وأحوال الشخص في الموت.
*ما الفرق بين اعتدنا وأعددنا فى القرآن الكريم ؟ (د.فاضل السامرائى)
أعتد
فيها حضور وقرب والعتيد هو الحاضر (هذا ما لدي عتيد) أي حاضر وقوله
(وأعتدت لهن متكئاً بمعنى حضّرت أما الإعداد فهو التهيئة وليس بالضرورة
الحضور كما في قوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم) بمعنى هيّأوا وليس حضروا
وقوله (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عُدّة) أما في سورة النساء فقال تعالى
(وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ
يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ
إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ
أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً {18})
لأنهم ماتوا فأصبح الحال حاضراً وليس مهيأ فقط، وكذلك ما ورد في سورة
الفرقان (وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ
وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً {37}) قوم نوح أُغرقوا وماتوا أصلاً فجاءت أعتدنا. أما في سورة النساء (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً {93})
هؤلاء لا يزالون أحياء وليسوا أمواتاً فجاءت أعد بمعنى هيّأ. ومما سبق
نقول أنه في آية سورة الإنسان بما أن جزاء أهل الجنة بالحضور بصيغة الوقوع
لا بصيغة المستقبل كذلك يقتضي أن يكون عقاب الكافرين حاضراً كما أن جزاء
المؤمنين حاضر فقال تعالى في أهل الجنة (يشربون من كأس، ولقّاهم نضرة
وسرورا، وجزاهم بما صبروا) وجاء عقاب الكافرين حاضراً بصيغة الوقوع فقال
تعالى (إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالاً وسعيرا).
آية (19):
* ما الفرق بين كلمة الكَره بفتح الكاف والكُره بضمها؟(د.فاضل السامرائى)
الكَره بفتح الكاف هو ما يأتي من الخارج يقابله الطوع كما في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا
وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا
أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ
فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ
اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) النساء) وقوله تعالى (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا
لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53)
التوبة) وقوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ
فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)).
أما الكُره بضم الكاف فهو ما ينبعث من الداخل ففي قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ
لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى
أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ
لَا تَعْلَمُونَ (216) البقرة) جاءت كلمة الكُره لأن الإنسان بطبيعته يكره
القتال وكذلك في قوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ
إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا
وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ
وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ
نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ
صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ
إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) الأحقاف) الحمل في نفس الأم
ثقيل ليس مفروضاً عليها وإنما آلآم الوضع والحمل وأي إنسان لا يريد المشقة
لنفسه أصلاً.
*(ورتل القرآن ترتيلاً) :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا (19) النساء) لا شك أن وقع النهي علة أذن السامع أشد من الإخبار فقولك لولدك لا تفعل هذا فيه من الوعيد والأثر أشد من قولك أمنعك من هذا.
*(وَإِنْ
أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ
قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا (20) النساء) انظر قوله تعالى
(وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا) فقد ضرب الله تعالى مثلاً للمهر بالقنطار فلِمَ قال قنطاراً ولم يسمِّه على الأصل: وآتيتم إحداهن مهراً؟ أو نِحلة؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
المهر يطلق على القليل والكثير فلو حدّده بالمهر ثم أتبعه (فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا)
لربما تبادر إلى أذهاننا أن المهر إن كان كثيراً يحق لنا أن نأخذ نصيباً
ولكن عندما مثّل للمهر بالقنطار وهو كثير جداً ثم نهانا عن الأخذ منه علمنا
أن المهر مهما قل أو كثر لا يحق لنا أن نقتطع منه لأنفسنا.
*(وَكَيْفَ
تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ (21) النساء) تأمل
أسرار البلاغة القرآنية في كلام الله عز وجل، ألم يلف نظرك هذا الاستفهام أي في قوله تعالى (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ)؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)
إنه
استفهام خرج إلى معنى آخر وهو التعجب من فعل ذلك الرجل الذي يريد أن يأخذ
من صداق زوجه فهذا ليس من المروءة ولذلك ابتدأه الله تعالى باستفهام تعجبي.
*لم
الاختلاف بين قوله تعالى (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ
فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) الإسراء) و (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ
آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ
فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22) النساء) ؟(د.أحمد الكبيسى)
الزنا بالمحارم أو زواج زوجة الأب من بعده (إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا) أضاف
كلمة مقت، شخص زنا بامرأة هذه فاحشة وسبيل سيء لكنه في الحقيقة ليس مقززاً
ولا مقرفاً امرأة جميلة وكذا راقصة أو مغنية أو ممثلة أو بغي جميلة جداً
والله قال (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ) لكن أن
تزني بمحارم؟ هذا ليس فقط فاحشة هذا قمتاً يعني مقزز مقرف يثير السخرية
يثير العار المقت أشد البغضاء (لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ
أَنْفُسَكُمْ (10) غافر) حينئذٍ هم الاثنين زنا لكن في زنا عن زنا زنا
بأجنبية فاحشة وساء سبيلاً (فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) زنا بمحرم فاحشة
ومقتاً وساء سبيلاً (فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا)
فكلمة مقتاً تضيف إلى الزنا بالمحارم جريمة زائدة ولهذا عقوبة الذي يزني
بالمحارم ليس كعقوبة الزاني رجم أو جلد لا وإنما يلقى من شاهق يصعدونه على
جبل على منارة على برج ويرمى من فوق لأنه لا يسوى لخسته ونذالته وحقارته لا
يساوي أن يعاقب عقوبة الرجال ولكنها من جنس عقوبة قوم لوط.
*ما
اللمسة البيانية في اسخدام المفرد مرة والجمع مرة أخرى في الآية (إِلَّا
بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً {23})؟(د.فاضل السامرائى)
(من) لها لفظ ومعنى ويُعبّر عنها بالواحد أو الجمع، يقال جاء من حضر (اللفظ مفرد مذكر وحقيقتها مفرد أو مثنى أو جمع) وفى سورة الجن (إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً {23}).
هناك
قاعدة نحوية تقول: في كلام العرب يراعى المفرد أولاً ثم الجمع كما في قوله
تعالى (ومن الناس من يقول آمنا ... وما هم بمؤمنين) وقوله (ومنهم من يستمع
إليك حتى إذا خرجوا) وقوله (ألا في الفتنة سقطوا) وليس غريباً هذا
الإستخدام في اللغة.
(من)
في اللغة تستعمل للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث وعادة نبدأ لفظها
أولاً على حالة الإفراد والتذكير ثم نحملها على معناها وهذا هو الأفصح عند
العرب. كما في قوله تعالى (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين) (ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً) نأتي بالإفراد والتذكير أولاً ثم يؤتى بما يدل على المعنى من تأنيث أو جمع أو تثنية.
وقد جاء في القرآن الكريم استخدام خالداً كما في سورة النساء (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {14}) وفي سورة التوبة (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً
فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ {63}) وجاءت في سورة الجن (خالدين)
والسبب أن الله تعالى لم يقل (خالدين فيها) في النار مرة واحدة إنما قال (خالداً فيها)
أما في الجنة فيقول دائماً خالدين فيها. ولأن الله تعالى أراد أن يُعذّب
أهل النار بالنار وبالوحدة لأن الوحدة هي بحد ذاتها عذاب أيضاً بينما في
الجنّة هناك اجتماع (خالدين، متكئين، ينظرون، يُسقون).
* ما الفرق بين قوله تعالى (لا جُناح عليكم) وقوله تعالى (ليس عليكم جناح)؟ السامرائى
أولاً:
لا جناح عليكم جملة إسمية، و (لا) هنا هي لا النافية للجنس على تضمن من
الاستغراقية والمؤكِّدة دخلت على المبتدأ والخبر، والنحاة يقولون أن (لا)
في النفي هي بمثابة (إنّ) في الاثبات . ومن المسلمات الأولية في المعاني أن
الجملة الإسمية أقوى وأثبت وأدلّ على الثبوت من الجملة الفعلية ، وعليه
يكون (لا جناح عليكم) مؤكّدة كونها جملة إسمية وكونها منفية بـ (لا) هذا من
الناحية النحوية. أما الجملة (ليس عليكم جناح جملة) فهي جملة فعلية ولا
يمنع كون ليس ناسخاً لأن المهم أصل الجملة قبل دخول الناسخ عليها. هذا من
حيث الحكم النحوي أن الجملة الإسمية أقوى وأثبت وأدلّ على الثبوت من الجملة
الفعلية.
أما من حيث الاستعمال القرآني فإذا استعرضنا الآيات التي وردت فيها ليس عليكم جناح ولا جناح عليكم في القرآن نجد أن لا جناح عليكم تستعمل فيما يتعلق بالعبادات وتنظيم الأسرة وشؤونها والحقوق والواجبات الزوجية والأمور المهمة، أما ليس عليكم جناح
تستعمل فيما دون ذلك من أمور المعيشة اليومية كالبيع والشراء والتجارة
وغيرها مما هو دون العبادات في الأهمية. ونورد الآيات القرآنية التي جاءت
فيها الجملتين:
لا جناح عليه
في سورة النساء: (فَإِنْ
لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ (23)) (وَلَا
جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ
(24)) (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ
كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ (102)) (وَإِنِ امْرَأَةٌ
خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ
عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا (128)) وفي سورة البقرة: (
فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا (158) هذه عبادة، ( فَلَا
جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ
(229)(230)(233)(234)(235)(236)(240) هذه الآيات كلها في الحقوق وفي شؤون
الأسرة.
وفي سورة الأحزاب
(وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ (51)) و(لَا
جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آَبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا
إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ
أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ
(55)) وفي سورة الممتحنة (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ (10))
ليس عليكم جناح
في سورة النساء (وَإِذَا
ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا
مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا
(101)) وفي سورة البقرة:
( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ
فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ
الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ
لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)) وقوله تعالى (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً
حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا
تَكْتُبُوهَا (282)) وفي سورة المائدة (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ
آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا
اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا
ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)) وفي النور
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ
فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ (29)) و (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ
يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ
يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)) و(لَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا (61)) وفي سورة الأحزاب (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ (5))
*(حُرِّمَتْ
عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ
وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ
اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ
نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ
اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ
فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ
وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ
اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (23) النساء) في الآية السابقة التي حرّم
الله تعالى بها نكاح زوجات
الأب عبّر عن التحريم بالنهي فقال تعالى (وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ
آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ (22)) فلِمَ عدل عنه إلى
الماضي فقال (حُرِّمت) ولم يقل ولا تنكحوا أمهاتكم؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إن
أسلوب النهي كقولك لابنك لا تلعب الكرة فيه إيحاء بأنه كان يلعب بالماضي
ولذلك نهيته عن المستقبل بخلاف قولك نُهينا عن لعب النرد فهذا يدل على
تحريمه سابقاً ولاحقاً ولذلك عبّر عن نكاح زوجات الأب بالنهي لأن هذا الفعل
كان شائعاً عند العرب ثم حرّمه الإسلام. أما نكاح المحارم من الأمهات
والبنات والأخوات فهذا لم يكن لدى العرب قبل الاسلام ولذلك عبّر عنه بقوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ)
ليبين لنا أن هذا التحريم أمر مقرر سابقاً وأتى القرآن ليثبته وهذا ما
عبّر عنه ابن عباس بقوله: كان أهل الجاهلية يحرّمون ما حرّم الإسلام إلا
امرأة الأب والجمع بين الأختين ولذلك عبّر عنه بالمضارع (وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ).
*
ما الفرق بين السفاح (مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ (24) النساء)
والبغاء (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء (33) النور)
والزنى (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً (32) الإسراء)؟ السامرائى
البغاء هو
الفجور، بغى في الأرض أي فجر فيها أي تجاوز إلى ما ليس له. (إِنَّ
قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ (76) القصص) تجاوز
الحدّ. فهي تجاوزت حدها عندما فعلت هذه الفعلة. لذا يقال للمرأة بغيّ ولا
يقال للرجل بغيّ (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) مريم) عند العرب لا يوصف الرجل بالبغيّ في الزنا البغاء للمرأة. إشتقاقه اللفظي بغت المرأة إذا فجرت لأنها تجاوزت ما ليس لها. الزنا هو الوطء من غير عقد شرعي. البغاء استمراء الزنا فيصير فجوراً. المسافحة
أن تقيم معه على الفجور، تعيش معه في الحرام من غير تزويج صحيح. المسافحة
والسفاح هي الإقامة مع الرجل من غير تزويج شرعي وهذا أشد لأنه تقيم امرأة
مع رجل على فجور. كله فيه زنا والزنا أقلهم، إذا استمرأت الزنا صار فجوراً
بغاء وإذا أقامت معه بغير عقد شرعي يقال سفاح. الرجل يوصف بالسِفاح أيضاً
(غير مسافحين). الزنا يوصف به الرجل والمرأة (والزانية والزاني) أما البغاء
والبغي فللمرأة تحديداً والسفاح للرجل والمرأة. وكل كلمة لها دلالتها في
القرآن الكريم.
*(وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ (24) النساء) في هذه
الآية قُرِئت المحصَنات بالفتح أي التي أُحصِنت من زوجها ولم يُقرأ بالكسر المحصِنات وفي سائر المواضع تقرأ بالفتح والكسر فلِم لم تُقرأ والمحصِنات من النساء؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
المحصَنات
هي المرأة المتزوجة وسميت محصنة من أحصنها الرجل إذا حفظها واستقل بها عن
غيره. ويقال محصنة إذا أحصنت نفسها بالعفاف. هذه الآية معطوفة على الآية
التي قبلها (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ)
أي وحُرِّمت المحصَنات المتزوجات ولذلك قُرئت الفتح فقط أن اللواتي حرم
التزوج بهن هن المتزوجات أما المحصِنات أي العفيفات فليس الزواج بهن
محرّماً بل يُندر أن تبحث عنهن.
*ما دلالة استعمال (إذا) و(إن) في القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)
(إذا) في كلام العرب تستعمل للمقطوع بحصوله كما في الآية: (إذا حضر أحدكم الموت) ولا بد ان يحضر الموت، (فإذا انسلخ الاشهر الحرم) ولا بد للأشهر الحرم من أن تنسلخ، وقوله تعالى: (وترى الشمس إذا طلعت) ولا بد للشمس من أن تطلع وكقوله: (فإذا قضيت الصلاة) ولا بد للصلاة أن تنقضي.
وللكثير الحصول كما في قوله تعالى (فإذا حُييتم بتحية فحيّوا بأحسن منها أو ردوها).
ولو جاءت (إذا) و(إن) في الآية الواحدة تستعمل (إذا) للكثير و(لإن) للأقلّ
كما في آية الوضوء في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا
قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى
الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى
الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم
مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ
أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً
طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ
اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ
لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ {6}) القيام إلى الصلاة كثيرة الحصول فجاء بـ (إذا) أما كون
الإنسان مريضاً أو مسافراً أو جنباً فهو أقلّ لذا جاء بـ (إن).
وكذلك في سورة النساء (وَمَن
لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ
الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ
الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ
فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ
أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ
فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ
لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ
وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {25}) إذا جاءت مع (أُحصنّ) ووهذا الأكثر أما إن فجاءت مع اللواتي يأتين بفاحشة وهو قطعاً أقل من المحصنات. وكذلك في سورة الرعد (وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا
كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ
كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ
وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ {5}).
وفي سورة الليل (وما يغني عنه ماله إذا
تردى) التردّي حاصل والتردي اما أن يكون من الموت او الهلاك، او تردى في
قبره، او في نار جهنم فماذا يغني عنه ماله عندها؟وهذه ليست افتراضاً وانما
حصولها مؤكد وهي امر حاصل في كل لحظة ولهذا السبب جاء بلفظ (إذا) بدل (إن)
لأن (إذا) مؤكد حصولها) و(إن) مشكوك فيها او محتمل حدوثها. وهذه إهابة
بالشخص أن لا يبخل او يطغى او يكذب بالحسنى،إذن لا مفر منه فلماذا يبخل
ويعسر على الآخرين ويطغى ويكذب بالحسنى؟
وقد
وردت إذا في القرآن الكريم 362 مرة لم تأتي مرة واحدة في موضع غير محتمل
البتّة فهي تأتي إمّا بأمر مجزوم وقوعه أو كثير الحصول كما جاء في آيات وصف
أهوال يوم القيامة لأنه مقطوع بحصوله كما في سورة التكوير وسورة الإنفطار.
أما (إن) فستعمل لما قد يقع ولما هو محتمل حدوثه أو مشكوك فيه أو نادر او مستحيل كما في قوله تعالى (أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا) هنا احتمال وافتراض، و (وإن يروا كِسفاً من السماء ساقطاً) لم يقع ولكنه احتمال، و(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) الأصل أن لا يقع ولكن هناك احتمال بوقوعه، وكذلك في سورة (انظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه) افتراض واحتمال وقوعه.
*(حَكِيمٌ عَليمٌ) (عَلِيمٌ حَكِيمٌ) فما الفرق بينهما؟(د.فاضل السامرائى)
إذا
كان السياق في العلم وما يقتضي العلم يقدم العلم وإلا يقدم الحكمة، إذا
كان الأمر في التشريع أو في الجزاء يقدم الحكمة وإذا كان في العلم يقدم
العلم. حتى تتوضح المسألة (قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ
مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) البقرة) السياق
في العلم فقدّم العلم، (يُرِيدُ اللّهُ
لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ
وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) النساء)
هذا تبيين معناه هذا علم، (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ
مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ
يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6) يوسف) فيها علم فقدم عليم.
قال في المنافقين (وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ
مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71) الأنفال)
هذه أمور قلبية، (لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي
قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
(110) التوبة) من الذي يطلع على القلوب؟ الله، فقدم العليم. نأتي للجزاء،
الجزاء حكمة وحكم يعني من الذي يجازي ويعاقب؟ هو الحاكم، تقدير الجزاء حكمة
(قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ
إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ (128) الأنعام) هذا جزاء، هذا حاكم يحكم
تقدير الجزاء والحكم قدم الحكمة، وليس بالضرورة أن يكون العالم حاكماً ليس
كل عالم حاكم. (وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ
لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً
فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ
(139) الأنعام) هذا تشريع والتشريع حاكم فمن الذي يشرع ويجازي؟ الله تعالى
هو الذي يجازي وهو الذي يشرع لما يكون السياق في العلم يقدّم العلم ولما لا
يكون السياق في العلم يقدّم الحكمة.
*د.أحمد الكبيسى:
فى قول الله تعالى(وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴿27﴾ النساء) إعلان إرادة، أعلن إرادته لعبادة المؤمنين بأن إرادته سبقت أن يتوب على كل المؤمنين إذا تابوا (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ) أن
يتوب، (يريد الله ليتوب) اتخذ الأسباب وتاب هذا الوعد تطبق يعني كيف رب
العالمين لما أعلن هذه التوبة ثم طبقها قال من استغفر غفرت له وبين
الصلاتين كفارة ورمضان لرمضان كفارة، نفائس، كظم الغيظ غفار، العفو عن
الظالم كفارة، بر الوالدين كفارة كل هذه العبادات التي لا حصر لها مما جاء
بها النص أنها تغفر الذنوب يعني مثلاً (ثلاثة لا يضر معها ذنب بر الوالدين)
رمضان لرمضان كفارة ولا يعرف مضاعفات رمضان إلا الله هناك أعمال بمثلهما،
أعمال بعشرة، أعمال بخمسة عشرة، أعمال بخمس وعشرين، أعمال بسبعمائة والصوم
لا يعلم مقدار مضاعفاته إلا الله وبالتالي رب العالمين لما شرع لك عبادة
بهذا الشكل تاب عليك (رغم أنف عبدٍ أدرك رمضان ولم يغفر له) إذاً الفرق بين
(وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ)
أعلن إرادته قنن القانون شرع التشريع. (يريد الله ليتوب) اتخذ الأسباب
وهذه الأسباب وما أكثرها في هذا الدين. كذلك كما قلنا يعني كثيرة حقيقة ما
تحصى يعني حوالي ستة عشر أو سبعة عشر آية في القرآن وتقول الآية
(وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿72﴾ يونس) (وَأُمِرْتُ
لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴿12﴾ الزمر) هذا فرق وهذا فرق يعني
على هذا الأساس هناك فقط إعلان الأمر (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ) اتخذ
الأسباب كاملة وطبعاً نحن تعلمنا أنه الآن كل فعل أراد ويريد إذا جاء بالأن
والفعل معناها إعلان إذا جاء باللام لام التعليل المضمرة بعدها قل ليتوب،
ليعفو، ليضلوا، معناها اتخذوا الأسباب وطبقوا ما وعدوا به وما هددوا به.
* ما معنى الضعف في القرآن في قوله تعالى (يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28) النساء)؟(د.حسام النعيمى)
كلمة الضعف ضد القوة إما القوة المادية أو القوة المعنوية. (وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28) النساء) الله
تعالى يحب هذا لكم ويرضاه لكم ليس من باب إرادة الفرد وإنما من باب إرادة
الحب أن الله تعالى يحب هذا لكم، يرضى لكم أن يتوب عليكم بأن تستغفروا (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا) الذي طريقه إلى النار يريد الجميع أن يكون طريقهم إلى النار، (يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا)
ما يرتكبه الإنسان من الآثام ثقلٌ على جانبه، التشديد في الأوامر والطلبات
لا تكونوا كبني إسرائيل شددوا فشدد الله تعالى عليهم قال لهم اذبحوا بقرة
كان بإمكانهم أن يذبحوا اي بقرة لكنهم بدأوا يسألون فصار التضييق عليهم
والرسول r
يقول :" ذروني ما تركتكم وفي رواية دعوني ما تركتكم" بمعنى أنه إذا كانت
هناك قضية لا أحدثكم بها لا تسألوا عنها. (الفعل ذر ويذر بالأمر والمضارع
والماضي منه ميّت لذا استغنوا عنه الفعل ترك) والله تعالى يقول (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ
لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ
تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101)
المائدة) دعوها لأن الله تعالى تركها رحمة بكم.
هنا الضعف هو الضعف النفسي (وخلق الإنسان ضعيفا)
أي ضعيفاً أمام الشهوات لذلك في الحديث "حُفّت النار بالشهوات وحُفّت
الجنة بالمكاره" الشيء الذي تريده النفس من الشهوات كإنسان يريد أن يكون ذا
مال أو ذا منصب مثلاً ويريد أن يتوصل إلى ذلك بالمعصية والعياذ بالله.
طبيعة الإنسان في فطرته هذا الضعف وهذا تثبيت من الله تعالى لخلق الإنسان
أنه ضعيف أمام الشهوات لذلك ينبغي أن يحتاط ويقوي نفسه أمان شهوات الدنيا
هكذا ينبغي أن يكون الضعف نقيض القوة، قال تعالى (اللَّهُ
الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً
ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء
وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54) الروم) الضعف الأول الذي هو الحيوان المنوي ثم قوي الإنسان تدريجياً ثم يعود مرة أخرى ضعيفاً.
الضعف فيه لغتان: بفتح الضاد (الضَعف) وبالضم (الضُعف) جمهور القُرّاء قرأوا (من ضُعف)، رواية ورش عن نافع التي يقرأ بها أهل المغرب (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضُعف ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضُعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضُعْفًا وَشَيْبَةً)
في المواطن الثلاثة في الآية. هما لهجتان عربيتان فصيحتان، الذي قرأ
(ضَعف) حفص في أحد وجهيه وعنده وجه آخر يقرأ (ضُعف) وشُعبى يقرأ (ضَعف)
وحمزة من الكوفيين يقرأ (ضَعف) والباقون يقرأونها (ضُعف) بالضمّ. نحن نقرأ
بالفتح أحد وجهي حفص عن عاصم وهي لغة فصيحة لكثير من قبائل العرب أقرأهم
إياها رسول الله r
وأقرّهم عليها بأمر من ربه. لذلك لما يسمع القارئ من المغرب من يقرأ
(ضَعف) يعلم أنها قراءة تصح الصلاة بها وقراءته (ضُعف) قراءة تصح الصلاة
بها وكلتاهما لهجتان عربيتان فصيحتان نزل بهما جبريل u على صدر رسول الله r حتى لا يعترض أحدٌ على أحد.
أما
الضِعف بالكسر فيعني المكرر، ضِعف كذا يعني مرة بقدر شيء آخر ضِعفه وليس
مرتين كما هو الشائع. تقول هذا ضِعف هذا أي بقدره فإذا أردت بقدر مرتين
تقول ضِعفين.
*د.أحمد الكبيسى:
(وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴿28﴾ النساء)
كيف أنت البشر مخلوق من دم ولحم تريد أن تسمع كلامي الحقيقي وأن ترى
وجهي؟! لا يمكن، هذا ليس من قوانينك هذا من قوانينك يوم القيامة لأن المشهد
يوم القيامة بقوانين أخرى هذا قوانين طين قوانين أرضية من طين خلقنا ثم
سوانا ونفخ فينا من روحه ونعيش أربعين خمسين مائة سنة ونصير تراب مرة ثانية
هذا جسد طيني يعود طين مرة أخرى. ولهذا هذا القانون قانونك الطيني لا يسمح
أن تراني أو أن تسمع صوتي. هكذا هو القرآن الكريم لا يمكن ولهذا الله قال
(لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ ﴿21﴾ الحشر) بلغة الله الأصلية بصوت
الله الأصلي (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ
لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (21) الحشر) وهو
جبل صخري صار له ملايين السنين وهو واقف فكيف وأنت البشر (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴿28﴾ النساء)
كيف يمكن أن تسمع صوتي؟! لا يمكن، فرب العالمين من كرمه قال (وَلَقَدْ
يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴿22﴾ القمر) إذاً
هذا القرآن هو النسخة العربية التي جعلها الله ولم يكن الأمر كذلك. رب
العالمين لما نطق ما نطق بلغة عربية نطق بلغته هو التي لا يمكن لعقلك أن
يدركها بهذه القوانين كما لا يمكن لعقلك أن يدرك وضعه وكونه ومثاله وحتى
سمعه وبصره لا يمكن أن تدركه كيف رب العالمين يسمع كل الكون بجزء الثانية؟
إذاً كما أن عقلك لا يحيط بكل صفاته ولهذا الذين انشغلوا في التاريخ
الإسلامي.بالذات والصفات كانوا يعبثون أو نقول بعد أن اكتمل لهم دينهم لا
باس من أن يحاولوا التفكير في هذه القضية والحديث يقول (فكروا في الله ولا
تفكروا في ذات الله) لا بأس أن تفكر كيف رب العالمين يسمع كيف رب العالمين
يبصر لكن أن تجعلها قضية حساسة وكل واحد يدّعي أن كلامه هو الحق هذا أشعري
وهذا معتزلي وهذا مرجئي كله كان عبثاً وناس تقتل ناس على هذا كما نفعل الآن
شيعي وسني ووهابي وكذا باسم العقيدة وكلهم ضالون كل من يقتل مسلماً....
*(ورتل القرآن ترتيلاً) :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ (29) النساء)
تأمل هذا التعبير والتصوير الإلهي في سلب أموال الناس بعضهم بعضاً فقد جعل
الله تعالى المال كالطعام يلتهمه الظالم ليبين لنا شدة حرصهم على أخذه دون
ترك شيء منه ودون إرجاعه أربابه. ألا ترى أن الطعام قبل أن يأكله المرء
يمكن أن يُعيده إلى أهله وإذا ما أكله فقد قرر عدم الإذعان وإرجاعه وكذلكم
آكِل المال.
*(وَلاَ
تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) النساء)
إن الإنسان لا يحتاج إلى النهي عن قتل نفسه حتى يحفظها فلِمَ جاء النهي عن
قتل الإنسان نفسه؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
انظر إلى هذا البيان الإلهي فالله تعالى يريد منا أن نصون أرواح الناس وأن لا نعتدي عليها فعبّر عن ذلك بالكفّ والنهي عن قتل المرء نفسه لأن المؤمنين جسد واحد وروح واحدة فمن قتل أخاه فقد قتل نفسه وذلك لأمرين: الأول بتفكيك المجتمع وخلق العداوة بين أفراده والثاني أنه حكم على نفسه بالقتل قصاصاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق