موعدة هو موعد لكن لماذا جاء بصيغة موعدة ولم يأت بصيغة الوعد أو الموعد الذي هو المشهور كما في قوله (ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (65) هود) (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) الإسراء)؟ موعدة على أوزان المرّة لأن أحياناً المصدر الثلاثي إذا كان أكثر من ثلاثة أحرف لكن تأتي بالتاء ونجعله مرّة. يمكن أن نقول استغفار واستغفارة، الثلاثي وغير الثلاثي، أصلاً يكون على وزن فعلة (مرّة) نأتي بالتاء ونضعها في نهاية المصدر فتدل على المرّة، هذا ممكن. هذا موعد (فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ (58) طه) وموعدة كأن التاء وضعت بعد المصدر كأنها مرة لأنه وعد مرة لم يتكرر. ربنا تعالى نهى الرسول r ونهى المؤمنين عن مثل هذا الموعد (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) الممتحنة) يعني ليس لك حق أن تستغفر لأبيك الكافر، لا يجوز، هذا ليس لكم فيه أسوة. لقد كان لكم فيه أسوة إلا هذا، وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة فقط، هذه لا ينبغي أن تتكرر ولا ينبغي أن يفعلها مسلم أو نبيّ. موعدة قالها مرة واحدة لم تتكرر. كلمة وعد لا تعني بالضرورة مرة واحدة. الحدث مثل المشي ليس بالضرورة أن يكون مرة واحدة والمصادر التي هي حدث صح جكعها إن تعددت أنواعها لا تعني بالضرورة مرة واحدة. يصح أن نقول موعد لكن موعدة أبلغ، هذا قليل دلالة على قِلّة هذا الأمر ولا ينبغي أن يتكرر، هو مرة واحدة فقط وليس لكم أن تكرروها ولا أن تفعلوها ولا أن تقولوها. آيات القرآن الكريم تراعي سياق الحال الذي قيل فيه وهذه هي البلاغة التي هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق