***من اللمسات البيانية فى سورة المائدة***
*(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ (1) المائدة) لِمَ أمرنا الله تعالى الوفاء بالعقود ولم يقل لنا إلتزموا أمر الله؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)
الإيفاء أن تعطي وتؤدي ما عليك كاملاً من غير نقص ولا شك أن ترك النقص لا يتحقق إلا إذا أدّيت زيادة على القدر الواجب. والعقود جمع عقد وهو ربط الحبل بالعروة والعقد هو الالتزام الواقع بين جانبين في فعل ما فالصلاة عقد بينك وبين الله تعالى وعليك الإيفاء به فالوفاء بالعقد يتطلب منك حرصاً ومبالغة في أداء ما تعهدت به.
*ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله (ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا(2) المائدة وقوله (ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا(8) المائدة؟ لماذا جاءت مرة (على أن) ومرة (أن)؟(د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {2}) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {8}) المحذوف في الآية الأولى (على) وهو من الحذف الجائز ويسموه نزع الخافض بوجود أن ومعلوم الحرف وهذا جائز نحوياً. والسؤال هو لماذا حُذف الحرف (على) في الآية الأولى وذُكر في الثانية؟ إذا كان الحرف متعيّن يكون الذكر آكد من الحذف وإذا لم يكن متعيّناً ( أي له عدة معاني) يكون من باب التوسع في المعنى. وإذا نظرنا إلى الآيتين السابقتين نجد أن الثانية آكد من الأولى لأن الحرف ذُكر والآية الأولى نزلت في حادثة واحدة حصلت وانتهت وهي تخص قريش عندما صدوا المسلمين عن المسجد الحرام أما الآية الثانية فهي عامة وهي محكمة إلى يوم القيامة وهي الأمر بالعدل إلى يوم القيامة ثم أن الآية الأولى تدخل في الثانية لأن العدوان هو الظلم وهو عدم العدل والعدوان من الظلم وليس من العدل فالثانية آكد من الأولى والأمر بالعدل أمر عام والأولى أمر خاص جداً لذا اقتضى حذف الحرف (على) في الأولى وذكره في الثانية.
*(وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ (2) المائدة) انظر إلى هذا التعبير الإلهي حيث قال (ولا آمّين البيت الحرام) أي قاصدين الحد فلِمَ عدل ربنا تعالى عن التعبير بالأشمل كأن يقول ولا قاصدين مكة؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
عدل ربنا سبحانه وتعالى عن كلمة مكة لأن قصدها قد يكون للعبادة وقد يكون للتجارة ونحوها والحرمة لا تخصّ إلا المُحرِم للعبادة ولذلك قال (ولا آمّين البيت الحرام) لأن البيت لا يُقصد إلا للعبادة.
(وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ (2) المائدة) الشنآن هو شدة البُغض وهو مصدر دالٌ على الاضطراب والتقلّب لأن الشنآن فيه اضطراب النفس فهو مثل الغليان. والمسجد الحرام إسم جُعِل علَماً للغلبة على المكان المحيط بالكعبة المحصور ذي الأبواب وهو إسم إسلامي ولم يكن يُدعى بذلك في الجاهلية لأن المسجد مكان السجود ولم يكن لأهل الجاهلية سجود عند الكعبة.
*(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ (3) المائدة) وفي آية أخرى (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ (173) البقرة) ما دلالة التقديم والتأخير لـ (به)؟
*د.فاضل السامرائى:
قال تعالى في البقرة (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ (173) وفي المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ (3). لو لاحظنا السياق في المائدة الكلام على التحليل والتحريم ومن بيده ذلك، رفض أي جهة تحلل وتحرم غير الله قال تعالى (أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) المائدة) ليس لكم أن تُحِلّوا والذي يُحِلّ هو الله تعالى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ (2) المائدة) الذي يُحِلّ هو ربنا سبحانه وتعالى، (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ (4) المائدة) إذن هو سبحانه يجعل التحليل والتحريم بيده حصراً السياق ليس هنالك أي جهة تقوم بذلك ولذلك قدم (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ (3) المائدة) أُهِلّ يعني رُفِع الصوت بذبحه، أُهِلّ يعني هذا باسم الله والله أكبر، هذا لفلان، هذا لفلان. إذن هنا قدم (لغير الله) لأن ربنا هو الجهة الأولى والأخيرة التي بيدها التحليل والتحريم. أما في البقرة المقام هو فيما رزق الله تعالى عباده من الطيبات وليس فيها تحليل وتحريم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً (168)) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (173)) (كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) هذا طعام، (كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً) هذا طعام، (وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ) هذه الذبيحة، (وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ) يعني ما رُفِع الصوت بذبحه فقدم (به) لأن هذا طعام متناسب مع الطعام ومتناسب مع طيبات ما رزقهم. إذن في التحريم قال (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ) قدّم (لغير الله) ولما كان السياق في الأطعمة قدّم الطعام ما أُهل به (ما أهل به) يعني الذبيحة، التقديم (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ) في سورة المائدة الجهة هي التي تُحلل وتُحرم، وفي المائدة قال (وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ (4)) قدّم (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ) لأنه لا يسمح أن يكون غير الله هو الذي يحلل ويحرم، هذا في آية المائدة لأن الكلام في التحليل والتحريم، هو سبحانه هو الذي يحلل ويحرم. هذا الكلام في البقرة في الطعام فقال (وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ) (به) يعني البهيمة، بذبحه. لكن مسألة الذبح هنا أو هنا متعلقة بالله تعالى أو بغير الله سبحانه وتعالى لكن التقديم والتأخير هل هي في سياق التحليل والتحريم أو في سياق الطعام.
*د.أحمد الكبيسى:
عندنا آيات أخرى شيء أعجوبة فما من آيتين إلا وفيها سر انظر (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴿173﴾ البقرة) (به) مقدمة، الآية الأخرى (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴿3﴾ المائدة) ولا في واحد يسأل عن الفرق، هناك حيوانات، ذبائح سواء كانت إبل أو غنم أو ما شاكل ذلك وهناك قسم أهل بها لغير الله ومنها أهل لغير الله بها، ليس هذا عبثاً. فرق بين أني أنا رجل مسلم ولكن أنا ذبحت ذبائح وما أحسنت الذبح يعني ما سميت باسم الله ولا ذبحت على القبلة ولا أهديتها لمن ينبغي أن تُهدى لها بالطريقة الشرعية ولا قلت هذا لوجه الله والثواب لفلان أخطأت، هذا (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ). وهناك من هو أصلاً لا يؤمن هو أصلاً هو ذبحها على قبر، ذبحها على إمام، هذا لوجه الإمام لوجه القبر الفلاني، لوجه الحسين، لوجه الكاظم، لوجه عبد القادر الجيلاني، لوجه السيد البدوي هذا كل هذا غير مأكول ولكن الفرق أن الذبيحة كلها من أساسها دخلت في الشرك أو لا هي صحيحة لكن أنت عندما أردت أن تذبح لم تحسن وأخطأت خطأً، إذاً فهما قضيتان وليست قضية واحدة ولهذا الله قال (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ ﴿103﴾ المائدة) هذه أهل بها لغير الله، هي أصلاً لغير الله يعني شرك.
يقول العلماء: "العلم من لدن الله عز وجل ما يتحصل بطريق الإلهام دون التكلف بالتطلب" يعني لا يطلب وقولٌ آخر: "والمحدَّث كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن من أمتي أناس محدَّثين) يعني يلهم كلاماً لا يعرفه غيره بل إن بعض الناس أمي لا يقرأ ولا يكتب كما قلنا في الحلقة السابقة لما سيدنا عبد الله بن مسعود كان يسمع القرآن والقارئ يقرأ آية من الآيات فقال (وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ﴿103﴾ آل عمران) فواحد إعرابي وأعرابي يعني بدوي لا يقرأ ولا يكتب فقال: "والله ما أخرجنا منها وهو يريد أن يعيدنا فيها ثانية". وهذا ورد على امتداد التاريخ من أناس أميين لكن أهل صلاح الله سبحانه وتعالى يقول (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴿282﴾ البقرة) ما من شيء يفتح العلم قدر التقوى إذا اتقيت الله يفتح الله (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴿269﴾ البقرة) والحكمة علم لا يُتعلَّم وإنما يوهب ويقذف في جوف الإنسان. كذاك الإعرابي الذي كان يسمع القارئ يقرأ (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴿38﴾ المائدة) فإذا به يقول في آخر الآية والله غفور رحيم قال: هذا لا يقوله رب. حقيقة هذا الباب هو بابٌ صح حساس ودقيق ولكن الله سبحانه وتعالى إذا شاع بعض ما وقع في الواقع من هؤلاء العلماء هؤلاء العارفين والله تنشط الأمة ببركاتهم وتشجيعهم ودعائهم إلى أمدٍ بعيد.
عندنا (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴿3﴾ المائدة) (وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ﴿173﴾ البقرة) في قوله (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) هذا أصلاً هو من كافر يذبح للصنم (وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ) هذا من مسلم لكنه أخطأ الهدف كما هو الحال يقول هذا للشيخ الفلاني والولي الفلاني وهذا أيضاً داخل في هذا الباب على نسقٍ آخر.
* في سورة المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ﴿3﴾ )هنا عندنا أناس يأكلون اللحمة بأنهم يأتون بلحمة عادية ويكبرون عليها فهل هذا جائز؟(دأحمد الكبيسى)
الإجابة: هذه بأيام الضحية، هذا أحياناً من السنن لا بأس بها إذا كانت الذبيحة فيها نُسُك كضحية الحاج والقضايا هذه ولا بأس التكبير ولكنه هذا وارد فقط على النُسُك.
* متى تثبت الياء ومتى تحذف كما في قوله (واخشوني، واخشون)؟ (د.فاضل السامرائى)
هذا التعبير له نظائر في القرآن (اتّبعني، إتبعنِ، كيدوني، كيدونِ، أخّرتني، أخرتنِ). أما إخشوني واخشونِ فوردت الأولى في سورة البقرة والثانية وردت في المائدة. عندما تحذّر أحدهم التحذير يكون بحسب الفِعلة قد تكون فِعلة شديدة. مثلاً لو أحدهم اغتاب آخر تقول له إتقِ ربك وقد يريد أن يقتل شخصاً فتقول له إتقي الله، فالتحذير يختلف بحسب الفعل إذا كان الفعل كبيراً يكون التحذير أشد. فعندما يُطهِر الياء يكون التحذير أشد في جميع القرآن عندما يُظهِر الياء يكون الأمر أكبر.
عندنا (إخشوني) إذن التحذير أكبر. ننظر السياق في الآية التي فيها الياء (واخشوني) (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) البقرة) هذه في تبديل القِبلة فجاءت إخشوني بالياء لأنه صار كلام كثير ولغط وإرجاف بين اليهود والمنافقين حتى ارتد بعض المسلمين، هذا تبديل للقِبلة (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (143) البقرة) هي أمر كبير لذا قال (واخشوني).
الآية الأخرى في سورة المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ.(3)) هذا يأس وذاك إرجاف. هذا الموقف ليس مثل ذاك، هؤلاء يائسين فصار التحذير أقل. وفي الآية الثانية (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)) ليس فيها محاربة ولا مقابلة فقال (واخشونِ) بدون ياء. إذن المواطن التي فيها شدة وتحذير شديد أظهر الياء. والحذف في قواعد النحو يجوز والعرب تتخفف من الياء لكن الله سبحانه وتعالى قرنها بأشياء فنية.
* (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3) المائدة) المفروض أن الرسالة انتهت واكتمل الدين فلماذا جاء بعدها (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ولماذا لم ترد قبل في الترتيب؟(د.فاضل السامرائى)
نقرأ سياق الآية يوضح المسألة. آية المائدة تبدأ بقوله تعالى (أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ (1)) إذن أحلت لكم بهمية الأنعام إلا ما يتلى عليكم، يعني ما يتلى عليهم بيان المحرمات، الاستثناء لما سوف يأتي. إذن أحلّت لكم بهمية الأنعام إلا ما يتلى عليكم يعني ما عدا هذا حلال وغير هذه حلال، ما قبلها حلال وما سيذكره حرام، ذكر هذه الأشياء، إذن ذكر الحلال والحرام انتهت المسألة. وعندما ذكر الحلال والحرام وانتهى قال (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) بعد أن أتم ذكر الحلال والحرام ذكر تمام النعمة ثم انتقل إلى موضوع آخر (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) هذه توضيح للأول وهو أمر آخر لكن أصل المسألة انتهت وهي قوله تعالى (أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) بيّن ما يتلى عليهم من المحرمات وبقي الحرام وانتهت المسألة أصلاً. لما تمم المسألة قال أتممت عليكم نعمتي، ثم انتقل إلى موضوع آخر، الاضطرار وأمور أخرى (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ (4)) هذه ليست في بهمية الأنعام وإنما أمر آخر (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ (5)). إذن نفهم من الآية أنه قبل إلاّ حلل وبعد إلا حرّم ثم قال (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) تمت المسألة والاضطرار حكم آخر لا يتعلق بالتحليل والتحريم.
* ما الفرق بين أكملت وأتممت في الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي .. (3) المائدة)؟ (د.فاضل السامرائى)
التمام نقيض النقص والكمال هي الحالة المثلى تحديداً وليس مجرد الاكتمال فقط أو سد النقص. التمام لا يقضي الكمال، الكمال تمام وزيادة. مثال: الإنسان إذا ولد تاماً كل شخص له عينان يبصر بهما ورجلين وفم هذا تمام بغض النظر عن الكمال هو تام من حيث الأعضاء كل عضو يؤدي وظيفته هذا تمام وليس كمالاً؟ الكمال قد يكون واسع العينين أحور هذا شيء آخر وهذا غير التمام. إذن الكمال هي الحالة المثلى والتمام نقيض النقص. النعمة يمكن يُزاد عليها لأن النعم لا تُحصى (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا (34) إبراهيم) أما الكمال لا يُزاد عليه لأنه الحالة المثلى والتمام يُزاد عليه الكمال. (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) الدين لا يُزاد عليه وهو الحالة المثلى لا يزاد عليه لا في سُنة ولا غيرها وضح كل شيء السنن والفروض. النعمة تزاد والكمال لا يزاد عليه فقال (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) لأن الدين لا يزاد عليه وهذه هي الحالة المثلى أما النعمة يزاد عليها ولذلك في القرآن الكريم لم يستعمل مع النعمة إلا التمام لم يستعمل الكمال أبداً في جميع القرآن (كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) النحل) (وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ (2) الفتح) (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) المائدة) لأن النعم لا تنتهي (وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) يعطيك ما تحتاج من النِعَم ويسد حاجتك يتمها عليك ولو أراد أن يزيدك فوق حاجتك لزادك. لذلك قال كمال الدين وتمام النعمة. كمال الدين لا يزاد عليه أما النعمة يزاد عليها. إذن الكمال تمام وزيادة وهي الحالة المثلى ولا يزاد عليها ولهذا من صفات الله تعالى الكمال "الكمال لله وحده".
*ورتل القرآن ترتيلاً:
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا (3) المائدة) تأمل في هذا التعبير الذي يفوق كل تعبير وكل بيان. وهل يبلغ تعبيرنا إلى هذا الحد في أن يشوقك إلى التشبث بما تسمع منه ولكن بيان الله يدفعك إلى هذا. ألا ترى كيف بيّن لك أن دين الإسلام هو الدين الخالد الأبدي فالشيء الذي تختاره وتدّخره لا يكون إلا أنفس ما حصلت عليه وكذلكم دين الإسلام هو أنفس ما ظهر من الأديان ولذلك ختم الله به الشرع ونسخ ما قبله ورضيه لعباده بأن يكون الدين الباقي والمدخر إلى يوم القيامة.
(فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3) المائدة) لم وصف الله حالة الجوع القاهر بالمخمصة فقال (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ) دون فمن اضطر بسبب جوعه الشديد؟ آثر ربنا أن يعبر عن شدة الجوع بالمخمصة دون غيرها لأن المخمصة مأخوذة من الخمص وهو ضمور البطن إذ أن الجوع يضمر البطون ولا شك أن ضمورها دليل قاطع على المجاعة والقحط وهذا يصور شدة الجوع أكثر من أي لفظ إذ لا يتصور أن يبلغ بالإنسان هذا المبلغ دون انقطاع طويل الأمد عن تناول الطعام وهذا الوصف والحال لا يحصل بعبارة أخرى مثل الجوع.
*(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ (5) المائدة) انظر كيف عبر ربنا عن الطعام بالطيبات فقال (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) فهل هذا يدل على أن الأطعمة إذا كان طعمها مراً فهي محرمة حتى خص الطيبات بالتحليل؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إن الطيبات هي صفة لموصوف محذوف أي الأطعمة الطيبة وقد أطلق ربنا الطيب على المباح شرعاً للإيماء أن إباحة الشرع للشيء علامة على حسنه وسلامته من المضرة.
*(وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)) لم قال ربنا فقد حبط عمله ولم يقل فقد بطل عمله أو فسد؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
الحبط هو فساد شيء كان صالحاً وقد آثر ربنا أن يصف بطلان عملهم بالحبط لما في هذا اللفظ من الدقة في تصوير فساد أعمالهم لأن الحبط هو مرض يصيب الإبل من جراء أكل الخُضر في أول الربيع فتنتفخ أمعاءها وقد تموت جراء ذلك فكان استعمال الحبط في وصف فساد أعمالهم دقة عجيبة بينت أن أعمالهم كانت صالحة ولكنهم خربوه وأضاعوا ثماره بسبب سوء صنعهم فانقلب عملهم إلى فاسد.
*ما هو إعراب كلمة (وأرجلَكم) في الآية (6) المائدة؟(د.حسام النعيمى)
القيام في هذه الآية (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ) بمعنى الوقوف والتهيؤ للذهاب إلى الصلاة .
في الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) اغسلوا تأخذ المفعول به (وجوهَكم) مفعول به عُطف عليه (وأيديَكم إلى المرافق) ثم قال (وامسحوا برؤوسِكم) جاء بهذه الباء، العلماء يقولون لترتيب الأفعال: أنت تبدأ بغسل الوجه ثم اليدين إلى المرفقين ثم تمسح الرأس ثم مسألأة الأرجل. فلما قال (وأرجلَكم) منصوبة إذن هي معطوفة على منصوب. هنا (وأرجلَكم) بالنصب معناه الأرجل مغسولة وليست ممسوحة وليست معطوفة على (برؤوسكم) وإنما وأرجلَكم بالنصب ورتّبها هكذا من أجل الترتيب، وهذه القراءة عدد من القراء السبعة قرأوها بالنصب.
الفرق بين الغسل والمسح:
أن الغسل المفروض فيه أن يجري الماء على العضو أما المسح فيكون بتبليل اليد ويمسح على العضو وليس هناك ماء يجري. والثابت عند جمهور المسلمين أنهم أخذوا عن رسول الله R غسل القدمين وإدخال الكعبين فيهما، فلما تردنا قراءة (وأرجلِكم) نفهم أنها تعني الإقتصاد في الماء. فسرها علماء النحو وقالوا: العطف هنا على الجِوار، هو في الحقيقة يجب أن يكون منصوباً ولكن جرّه بالمجاورة كما قالت العرب: هذا جحر ضبٍّ خرِبٍ، ليس الضبّ هو الخرِب وإنما الجحر هو الخرب. عند المجاورة أحياناً يُجرّ، المعنى واضح الجحر هو الخرب ولكن لأنها جاورت مكسوراً فكسرها للمجاورة، عند المجاورة يجرّ. فسر أن هذه القبائل العربية التي قرأت بالكسر كانوا يغسلون لكن جرّوا بالكسر بالجوار. وهي في كل الأحوال تُغسل لأنه هذا الذي وردعن أصحاب رسول الله R وعن آل بيت النبوة رضي الله عنهم جميعاً أن كل ماروي عنهم الغسل.
* ما دلالة نصب (وأرجُلَكم) في آية الوضوء في سورة المائدة؟(د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (6)) كلمة (وأرجلكم) معطوفة على الغسل في أول الآية. وكأن السائل يتساءل عن المتعاطفات التي سبقتها في الآية والسؤال هل تُعطف وامسحوا برؤوسكم على الأول؟ يجوز في كلام العرب العطف على الأول وإن كان هناك متعاطفات في ثنايا الجملة، وحكم غسل الأرجل في آية سورة الوضوء فالذي يحدده السنة
وفي كلام العرب نقول: بنيت الدور والإماء بمعنى اشتريت الإماء.
* قال في المائدة (فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ) بينما في النساء قال (فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) فما اللمسة البيانية لهاتين الآيتين في ذكر (منه) وحذفه؟
د.فاضل السامرائى :
هما آيتان إحداهما في النساء والأخرى في المائدة. نقرأ الآيتين حتى يتضح الأمر. في النساء قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)) هذه آية النساء. آية المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)). لو نظرنا في الآيتين آية النساء وآية المائدة، آية النساء في الجُنُب وذوي الأعذار لم يذكر الوضوء إذن آية النساء هي في الجُنُب وذوي الأعذار تحديداً (وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى) أما آية المائدة ففي الجُنُب وغير الجُنُب وذوي الأعذار وذكر الوضوء، إذن هي عامة شملت الجنب وغير الجنب وذوي الأعذار وذكر الوضوء، إذن التفصيل في آية المائدة أكثر من آية النساء وذكر ما لم يذكره في آية النساء (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ) فإذن كلمة (منه) نضعها مع التفصيل في آية المائدة فناسب التفصيل والزيادة في البيان فلما فصّل فصّل في البيان وزاد (منه)، و (منه) يعود على التراب. هناك فصّل وهذا أجمل. هذا أمر وهناك أمر آخر في آية النساء ختم الآية بقوله (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) لأنه ذكر السُكارى (لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ) بينما ختم آية المائدة (مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)) ذكر رفع الحرج وإتمام النعمة ويريد أن يطهركم وهذا يستوجب الشكر فقال (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أما في آية النساء لم يذكر رفع الحرج وإنما ذكر السكارى والله عفو غفور فقال (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) فإذن الخاتمة مناسبة لما ورد وذكر (منه) مناسبة للتفصيل والبيان. وهذا نهج القرآن أن الفاصلة القرآنية لا بد أن تناسب الآية لذلك أحياناً يخالف الفواصل.
د.أحمد الكبيسى :
موضوع التيمم (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ﴿43﴾ النساء) هذا في سورة النساء وفي المائدة كما هي الآية (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ﴿6﴾ المائدة) في المائدة في زيادة شبه جملة (منه) قال (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) ما هي فائدة (منه)؟ واضحة يقول لك (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا (6) المائدة) تيمموا من التراب الطاهر تيمم ضربتين (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) هذه واضحة ما بقى شيء. في النساء واضحة جداً (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) وصلِّي. في المائدة قال (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) منه شبه جملة جار ومجرور ما فائدة منه؟ هذه الـ (منه) لو أن الفقهاء رضي الله تعالى عنهم جميعاً ولأن معظمهم لم يكونوا من العرب والعالم كانوا مشغولين بشيء ثاني لأدركوا أنه ليس في القرآن حرف زائد فكيف جملة أو شبه جملة منه شبه جملة جار ومجرور فلا يوجد ولا زيادة الحركة الحرف السكون كله له معنى، ما معنى منه؟ يقول لك لا يكون أنت ينصرف ذهنك إلى أنه أي تراب كان، لا (صَعِيدًا طَيِّبًا) تراب طاهر حري من الذي يُنبِت ليس سبخ أو صخر أو حائط أو فراش بعض الفقهاء قالوا على الحائط يجوز والصخر يجوز إذا كنت في منطقة صخرية لكنه تعالى قال لا بد أن يكون صعيداً طيباً تراب حُرّي زراعي ينبت الزرع وأنت تمسح على هذا منه تيمم من هذا لا من غيره فهذه الـ (منه) حجة على أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه الشافعي قال وفقاً لهذه الآية الشافعي قال هذه الآية حقيقة ما تكلم عن منه لكن هو إفتاؤه قال النص يقول صعيد طيب لا يجوز في غيره لا على صخرة ولا على فراش ولا على تراب سبخة ولا على رمل لا يُنبِت لا بد أن يكون تراباً طيباً العلم يثبت هذا الآن. النبي صلى الله عليه وسلم لما قال على ولوغ الكلب تصور واحد كان عالم مختبري أسلم على هذا الحديث ولوغ الكلب سبع مرات أحداهن في التراب هذا الإنسان المختبري قال ما التراب؟ فعمل مختبرات تثبت أن بعض الكلاب الوحشية وليست المعقّمة الآن طبعاً في كلاب تعقم ليس هذا بل الكلاب الوحشية وسابقاً كلها وحشية لم يكن هنالك تعقيم تفرِز بعض الجراثيم باللعاب لا تطهر بالسوائل ولا بالماء إلا بالتراب هذا واحد. ثانياً ثبت علمياً الآن أن كل التلوث البيئي والتلوث الحربي من يورانيوم الخ أنواع الأوبئة والأمراض لا يمكن أن يطهرها ولا أن ينظف البيئة إلا الغبار عاصفة غبارية ترابية وتأمل من قدر الله منذ احتلال العراق إلى الآن كل العالم متفق على أن هذا المثلث العراق الكويت السعودية أصبح بلداً ملوثاً ومسرطناً وسيبقى مئات السنين هذه قضية ثابتة علمية وقُتِل بعض العلماء لأنهم صرّحوا بهذا هل تعلمون من الاحتلال إلى اليوم من أربع سنوات وهذه المنطقة تشهد غباراً ترابياً خنق العراقيين خنقاً لا ماء لا كهرباء عندهم وفوق هذا كله هذا الغبار لعلهم يسمعونني الآن وكلهم مستاؤون من هذا الغبار الذي هو أشد عليهم من قطع الماء والكهرباء هذا الغبار الترابي عواصف ترابية هائلة هذا من قدر الله ومن رحمة الله وبشارة من رب العالمين لأن المنطقة كلها سوف تنجو وتعمر وتنصلح هذا الغبار المتواصل الذي لم يشهد العراقيون له مثيلاً من مائة عام يومياً اسألوهم يومياً هناك عاصفة ترابية يومياً هذا بفضل الله ورحمته التي تدفع كل شيء وعلى هذا الأسى والألم الذي فيه العراقيون والذي لم يعرف التاريخ له مثيلاً من بعضهم من بينهم من عدوهم من الجو من الماء من الكهرباء من كل شيء رب العالمين أراد أن ينجي هذا البلد كما قلت مراراً إن لله في العراق شغلاً وشأناً لن يذهب العراق وسيعود أقوى مما كان والدليل على هذا هذه الرحمة الربانية هذه العواصف الترابية اليومية بحيث لن يبقى في العراق ولا في المثلث كله أي نوع من اليورانيوم وغيره من الأمراض السرطانية والسرطانات التي ألقيت كل هذا سينظف وسوف تعود المنطقة مزدهرة كريمة طيبة وسوف تذهب الجراثيم البشرية والجراثيم الحيوانية معاً حتى تبقى العرب والمسلمون في هذه المنطقة آمنين كرماء يعودون لكي يقوموا بدورهم المطلوب منهم بعد أن تزول (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ) فالإمام الشافعي قال لا بد أن يكون التراب صعيد طيب لأنه يطهر اليدين والوجه، هذه فعلاً كلمة منه، شبه الجملة منه تؤيد رأي الإمام الشافعي والإمام مالك وبعض الفقهاء الذين كانوا في جهة وأبو حنيفة على جلالة قدره صاحب الرأي وصاحب العقل الكبير قال يجوز بأي شيء ما خطر في باله أن هذا التراب الصعيد له ميزة قال لك هو في الحقيقة شعيرة من الشعائر فقط اضرب بأي مكان على فراش على رمل على حائط، لا، قال (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) تراب طيب ما هو التراب الطيب؟ الذي يُنبِت (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ﴿58﴾ الأعراف) فالطيب الأرض الطيبة المنبِتة فالصعيد وكلمة صعيد في مصر أي الأرض الزراعية. إذاً (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) منه لا من غيره لا تقيسون أبو حنيفة مقياس، أصحاب عقل، دماغه بحجم السموات لكن جل من لا يخطئ أبو حنيفة رجل يقال بأنه فارسي يقال هكذا واللغة العربية في أسرارها لا يدركها إلا عربي شاعر. ولهذا في المفسرين من رأيته عربي الأصل وشاعراً يفهم جمال وعمق هذه الكلمة كما لا يفهمها غيره. من أجل هذا هذه شبه الجملة منه لكي تثبت ما قاله الإمام الشافعي وأمثاله لا يجوز إلا في التراب الزراعي الجميل النظيف النقي لا سبخ ولا رمل ولا حائط ولا فراش الخ. والآخرون اعتبروها رخص والرخص عند الله مقدسة ويعرف ذلك أبو حنيفة حديث صحيح (من لم يأخذ برخص الله قد أصابه إثمٌ عظيم) (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) فأبو حنيفة قال لما الله سبحانه وتعالى أعطانا رخصة بالتيمم إذاً الرخصة بالتراب أيضاً وكلام منطقي فأبو حنيفة ليس بسهل أبو حنيفة وهو بشر لم ينتبه لم يقل لماذا منه؟ لماذا في سورة النساء (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) فقط وسكت الأمر بينما في المائدة قال (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) من هذا الصعيد الطيب والصعيد الطيب التراب النباتي الذي تنبت فيه الزراعة وحينئذٍ هذا الذي أثبته العلم الآن أن التراب يقضي على تلوث البيئة وهذا هو السر في أن الله ابتلى العراق من خمس سنوات إلى اليوم كلهم يشتكون قائلين خنقنا هذا الغبار وهم لا يعلمون ولا يقل لهم أحد هذا الكلام فليسمعوا الآن وليعلموا أن الله لم يتخلى عنهم ولا عن العرب ولا عن المسلمين ولا عن كل المظلومين في العالم رب العالمين خلق العباد والذي خلقهم لا ينساهم. إن الإنسان أكرم عند الله من الكعبة فرب العالمين لا يرضى بالظلم كل مظلوم لا بد أن يُنصَر هذا نص القرآن (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴿6﴾ الجن) كل قوة غاشمة لا يملك المقابل دفعها سوف ينصره الله عليها حينئذٍ منه (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) أي من هذا التراب الصعيد الطيب تراب زراعي لا رمل ولا جدار وهكذا هو الفرق بين الآيتين وهذا شأن الكتاب العزيز ما من حركة ولا سكنة ولا كلمة زائدة ولا كلمة ناقصة إلا ولها معنى آخر من أجل هذا الحرف في القرآن آية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*لماذا جمعت كلمة المرافق في آية الوضوء وجاءت الكعبين بالتثنية؟(د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {6})، المرافق جمع وهما مرفقان ولا إشكال فيها فكل يد لها مرفق واحد أما كل رجل فلها كعبين ول قال تعالى الكعوب لما دلّ ذلك على وجوب غسل الكعبين فلو غسلوا كعباً واحداً لكفاهم لكن الله تعالى أراد أن يغسل كل واحد من المخاطبين إلى الكعبين.
*(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ (6) المائدة) ما دلالة الواو في وأرجلكم؟ هل هي للعطف على رؤوسكم؟(د.فاضل السامرائى)
معطوفة على وجوهَكم. ليس بالضرورة أن يكون العطف على الأقرب والعطف قد يكون على الأبعد. مثال من القرآن (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) الروم) السماء والأرض عطف على حين تمسون وحين تصبحون؟ لا، الأرض معطوفة على السموات، و(له الحمد) معطوفة على (فسبحان)، حين تصبحون معطوفة على حين تمسون. (وعشياً وحين تظهرون) معطوفة على أبعد شيء. نقول دخلت إلى السوق واشتريت كتباً ثم ذهبت إلى البزاز واشتريت قماشاً ثم ذهبت إلى البقال واشتريت كذا وكذا ثم رجعت (رجعت معطوفة على دخلت). لو قرأنا قصص الرسل في الأعراف كل قصة ثم قال (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً (65)) معطوفة على (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ (59)) ثم تأتي قصة نوح ثم (وَإِلَى عَادٍ) معطوفة على (أَرْسَلْنَا نُوحًا) يعني وأرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً، أخاهم مفعول به منصوبة. نقول (وإلى عاد) هذ الواو واو العطف ثم قال (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا (73)) تكلم على عاد وما فيها ثم قال (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا (73)). في آية الوضوء قراءة النصب واضحة والذي يحدد الأمر هو السُنّة إذن (وأرجلَكم) معطوفة على (اغسلوا وجوهَكم). (وأرجلكم) معطوفة على أرجلكم. من حيث اللغة لا تمنع، اللغة لا تمنع العطف على الأبعد هذا حكم شرعي والذي يحدد هو ما ورد من الآثار.
*ما دلالة استعمال (إذا) و(إن) في القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)
(إذا) في كلام العرب تستعمل للمقطوع بحصوله كما في الآية: (إذا حضر أحدكم الموت) ولا بد ان يحضر الموت، (فإذا انسلخ الاشهر الحرم) ولا بد للأشهر الحرم من أن تنسلخ، وقوله تعالى: (وترى الشمس إذا طلعت) ولا بد للشمس من أن تطلع وكقوله: (فإذا قضيت الصلاة) ولا بد للصلاة أن تنقضي.
وللكثير الحصول كما في قوله تعالى (فإذا حُييتم بتحية فحيّوا بأحسن منها أو ردوها). ولو جاءت (إذا) و(إن) في الآية الواحدة تستعمل (إذا) للكثير و(لإن) للأقلّ كما في آية الوضوء في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {6}) القيام إلى الصلاة كثيرة الحصول فجاء بـ (إذا) أما كون الإنسان مريضاً أو مسافراً أو جنباً فهو أقلّ لذا جاء بـ (إن).
وقد وردت إذا في القرآن الكريم 362 مرة لم تأتي مرة واحدة في موضع غير محتمل البتّة فهي تأتي إمّا بأمر مجزوم وقوعه أو كثير الحصول كما جاء في آيات وصف أهوال يوم القيامة لأنه مقطوع بحصوله كما في سورة التكوير وسورة الإنفطار.
أما (إن) فستعمل لما قد يقع ولما هو محتمل حدوثه أو مشكوك فيه أو نادر او مستحيل كما في قوله تعالى (أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا) هنا احتمال وافتراض، و (وإن يروا كِسفاً من السماء ساقطاً) لم يقع ولكنه احتمال، و(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) الأصل أن لا يقع ولكن هناك احتمال بوقوعه، وكذلك في سورة (انظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه) افتراض واحتمال وقوعه.
* ما هو إستخدام الواو في آية الوضوء في سورة المائدة مع العلم أنهم يقولون أن الواو لمطلق الجمع لكن الأحكام الفقهية تشترط التتابع كشرط لصحة الصلاة؟(د.حسام النعيمى)
الواو عندما يقولون لمطلق الجمع وليست للترتيب هذا كلام علمائنا وهو صحيح. لكن الفقهاء جاءوا إلى هذه الآية ووجدوا أن هناك نوع من إختلال النظام من حيث الإعراب من أجل الترتيب فقالوا هنا للترتيب لأنه لما قال (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) لو كان مجرد لغير الترتيب لا شرط أن يكون الترتيب كأن يقول : وإغسلوا وجوهكم وأرجلكم ومسحوا برؤوسكم. قالوا لما غيّر النظام قدّم وغيّر والعربية عندها مُكنة تغيير النظام بسبب الإعراب عندما نجد الفتحة نعرف أنه معطوف على منصوب والكسرة معطوف على مجرور فلما وجدت الفتحة والأمة تقرأها بالفتح (وَأَرْجُلَكُمْ) بالتواتر وجمهور القرّاء عليها فإذن لما إختلّ النظام الإمام الشافعي قال إذن الترتيب واجب. أبو حنيفة قال لا لأنها لمطلق الجمع لذلك إذا غمست نفسك في النهر فقد توضأت وهذه مسألة فقهية. الواو في اللغة لمطلق الجمع والفاء للترتيب أما الواو فليست لترتيب، عندما نقول زارني محمد وخالد لا تعني أن محمداً زارني أولاً ثم خالد.
* ما دلالة (لامستم) في آية الوضوء (6) المائدة؟ هل هي الجماع أو اللمس الجلدي؟(د.حسام النعيمى)
هذه مسألة فقهية اختلف فيها الفقهاء وليست من مسائل اللمسات البيانية اختلف فيها الفقهاء فالسادة الشافعية يرون أنها اللمس الإعتيادي بباطن الكف أنه يفسد الوضوء والسادة الحنفية لا يرون ذلك وكلٌ له وجهة نظره واتّباع أيّ مذهب من المذاهب بعد النظر في دليله لا بأس به إن شاء الله تعالى ونحن لا نريد أن ندخل أنفسنا فيما ليس من تخصصنا وهذه مسألة فقهية يُسأل عنها أهل الفقه إن شاء الله.
*ورتل القرآن ترتيلاً:
قال تعالى (وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ (6) المائدة) قرئت (وأرجلَكم) بالنصب عطفاً على قوله تعالى (فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) وجملة (وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ) معترضة أي وكأن السياق يقول (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم) وفائدة الاعتراض التنبه إلى ضرورة غسل الأرجل إذ الحكمة من الوضوء هي النقاء والتنظف لمناجاة الله تعالى فاقتضى ذلك أن يبالغ في غسل ما هو أشد تعرضاً للوسخ بكثرة الحركة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "ويل للأعقاب من النار".
(مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ (6) المائدة) الحرج هو الضيق والشدة والحرجة البقعة من الشجر الملتف المتضايق.
*ورتل القرآن ترتيلاً:
(إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) المائدة) ذيلت الآية بهذا التحذير لنا لتحذرنا من إضمار المعاصي ومن توهم أن الله لا يعلم إلا ما يبدو من تصرفنا.
*ورتل القرآن ترتيلاً:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ (8) المائدة) في هذه الآية تقديم وتأخير بينها وبين آية النساء ففي آية النساء قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ (135)) وفي آية المائدة قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ) ووجه ذلك أن الآية في النساء وردت عقب آيات القضاء في الحقوق والآيات المرتبطة بأحكام المعاملة بين النساء والرجال فكان الأهم فيها أمر العدل ثم الشهادة فلذلك قدم (كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) والقسط هو العدل في القضاء وآية المائدة أتت بعد التذكير بميثاق المِلّة فكان المقام الأول للوفاء بعهود الله تعالى.
*ما دلالة (قوامين بالقسط شهداء لله) في آية سورة النساء و (قوّامين لله شهداء بالقسط) في آية سورة المائدة؟
د.فاضل السامرائى :
قال تعالى في سورة النساء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً {135}) وقال تعالى في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {8}) ولو أخذنا سياق الآيات في سورة النساء نلاحظ أن السورة كلها في الأمر بالعدل والقسط وإيتاء كل ذي حق حقه (وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً {2}) (وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً {4}) فلذلك اقتضى السياق تقديم قوّامين بالقسط.
أما في سورة المائدة فسياق الآيات في حقوق الله تعالى وفي الولاء والبراء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {2}) (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {7}) الكلام في القيام بأمر الله تعالى لذا اقتضى قول قوّامين لله لأن السياق في القيام لله تعالى وفي حقوق الله تعالى.
د.أحمد الكبيسى :
نبين ما معنى القسط؟. جميع المفسرين يقولون القسط هو العدل وليس هذا صحيحاً.
العدل الحُكم بالحق هذا خصم مع هذا قلنا القاضي يقول الحق مع هذا وليس مع هذا، الحُكم فقط مجرد هذا العدل (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴿90﴾ النحل) يأمر القاضي أن يعدل في حكمه فقط.
القسط يعني أولاً أن ترفع الظلم عن الخصم المظلوم ثم تحكم له بالحق ثم تنفذ الحق هذا هو المهم. ولهذا رب العالمين ما قال إن الله يحب العادلين قال (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴿42﴾ المائدة) المقسط الذي يحكم وينفذ ولهذا رب العالمين ما امتدح نفسه بالعدل امتدح نفسه بالقسط (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴿18﴾ آل عمران) رب العالمين قال أنا قائم بالقسط أحكم بالحكم وأنفذه ولا مرة قال إن الله يحب العادلين قد تعدل ولكن صاحب الحق لا ينال حقه.
رب العالمين يأمرنا بهذا الخطاب الأول في سورة النساء 135 خطاب للقضاة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) من القضاة (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) إرفع الظلم أولاً واحكم بالعدل ثانياً ونفذ ثالثاً طبعاً الخطاب لكل العملية القضائية من قاضي وشهود .
إذاً رب العالمين في هذه الآيتين لما قال (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) يتكلم عن العملية القضائية. في المائدة (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ) هذه ليست قضائية هذا عدل الحاكم هناك عدل القاضي بين الخصوم وهنا عدل الحاكم بين الرعية (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ) رب العالمين قال (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) حاكم بين عباده. أولاً الله سبحانه وتعالى لا يفرّق بين عباده مسلم كافر يحب الله لا يحب الله يشتم رب العالمين يؤمن به أو لا يؤمن كلهم سواء أمامه في النِعَم الشمس للجميع والهواء للجميع والرزق للجميع والأولاد للجميع كل النعم العامة يشترك فيها الناس لا يحجب نعمه عن بعض عباده لأنهم يكرهونه أو لا يؤمنون به، رب العالمين قال (قَائِمًا بِالْقِسْطِ). فرب العالمين يريد من الحاكم هكذا ولهذا قال له (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿8﴾ المائدة) ماذا قال له؟ قال أنا رب العالمين أعلم أن كل حاكم عنده موقف سلبي من جماعة، قوم، لم يقل واحد (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ) الشنآن شدة البغض كلنا يحدث بيننا سوء تفاهم لكن نتجاهله ونتعامل مع بعض لكن أحياناً يصل هذا إلى شدة البغض يعني لا أطيق سماع صوتك ولا اسمك ولا رؤية وجهك هذا الشنآن إياك وأنت حاكم إياك أن تجعل من هذا الشنآن المترتب على قوم على عائلة عندك منها موقف العائلة كلها عشيرة قبيلة كاملة أنت لا تحبها قرية مدينة قامت بمظاهرة ضدك لا تحبها مجموعة نقابة محامين نقابة أطباء يعني لابد لأي حاكم أنه في قلبه شيء هذه قضية إنسانية حتى الأنبياء النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تخبروني عن أصحابي شيئاً فإني أريد أن ألقاهم وليس في قلبي شيء على أحدهم) هذه قضية إنسانية إياك أن يحملك هذا الشنآن البغض الشديد على أن لا تعدل (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) لماذا أقرب للتقوى؟ لأن التقوى كثيرة صلاة وصوم وحج وزكاة وملايين أعظم نوع من أنواع التقوى هو عدل السلطان لماذا؟ لأنه صعب . حينئذٍ إذا كان الشنآن شدة بغض الحاكم للقبيلة الفلانية قوم القبيلة الفلانية المجتمعات الفلانية الحزب الفلاني الشريعة الفلانية لكن هذا لا يؤثر على حقوقهم هذا قال أقرب للتقوى هي هذه التقوى أصعب شيء (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿34﴾ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿35﴾ فصلت) هذا ما يجري هنا.
*(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ (11) المائدة) كيف يبسطون أيديهم؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إن بسط اليد هو كلام مجازي لا يحمل على ظاهره فبسط اليد يراد به البطش كما أن كف اليد مجازي يراد به الإعراض عن السوء.
*ما دلالة البسط فى الآية؟(د.فاضل السامرائى)
البسط هو المدّ، بسط يده مدّها. البسط يأتي فيما يسرّ وفيما يكره، بسط إلي يده بما أحب وبما أكره. (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) المائدة)هذا بالضرب. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ (11) المائدة) (إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ (2) الممتحنة) البسط إذن يأتي بالسوء ويأتي بالخير (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ (64) المائدة). هو في اللغة بسط إليّ يده تحتمل أمرين الأول أحب والثاني أكره والذي يحدد هذا الأمر السياق وفي الحديث عن عائشة "يبسطني ما يبسطها ويسرني ما يسرها" ويأتي البسط بمعنى الفرح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق